النجف تضع الجميع أمام مسؤولياتهم

الثانية والثالثة 2019/02/07
...

المرجع السيستاني يستقبل ممثلة الأمم المتحدة
النجف الأشرف / الصباح 
 
وجّه سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، جملة من الرسائل والإرشادات والتوجيهات للحكومة والقوى السياسية في العراق لإدارة الدولة بشكل يتناسب مع ما قدمه العراقيون من تضحيات في سبيل وطنهم ومقدساته، فكان صوت السيد السيستاني بمثابة صوت العقل والحكمة الذي يعمل على وحدة الصف وإشاعة السلام والخير في أرض العراق.
 
حدد المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، مهام وأولويات الحكومة الجديدة، داعياً إياها إلى إظهار ملامح التقدم والنجاح في عملها في وقت قريب وبالخصوص في ملف مكافحة الفساد وتحسين الخدمات العامة وتخفيف معاناة المواطنين ولا سيما في محافظة البصرة، كما طالب بإعادة إعمار المناطق المتضررة بالحرب وإرجاع النازحين اليها بعد القيام بتأهيلها، مؤكداً أن الكتل السياسية إذا لم تغير من منهجها في التعاطي مع قضايا البلد فإنه لن تكون هناك فرصة حقيقية لحلّ الأزمات الراهنة، وأكد المرجع الأعلى أن العراق يرفض أن يكون محطة لتوجيه الأذى لأي
بلد آخر.
وأفاد بيان لمكتب المرجع الديني الأعلى تلقته “الصباح”، بأن سماحة السيد السيستاني استقبل أمس الأربعاء، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة بعثتها في العراق جينين هينيس بلاسخارت، مرحبّاً بجهود المنظمة الدولية في مساعدة العراقيين لتجاوز المشاكل التي يعاني منها البلد، متمنياً لها التوفيق في اداء 
مهمتها.
وأشار المرجع السيستاني، إلى أن أمام الحكومة العراقية الجديدة مهام كبيرة وينبغي أن تظهر ملامح التقدم والنجاح في عملها في وقت قريب وبالخصوص في ملف مكافحة الفساد وتحسين الخدمات العامة وتخفيف معاناة المواطنين ولا سيما في محافظة البصرة، مؤكداً أن الكتل السياسية إذا لم تغير من منهجها في التعاطي مع قضايا البلد فإنه لن تكون هناك فرصة حقيقية لحلّ الأزمات الراهنة.
وأوضح سماحته، أن العراقيين دفعوا ثمناً باهظاً في دحر الارهاب الداعشي تمثّل في أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى والمعاقين وخراب مناطق واسعة من البلد وكلفة مالية هائلة، وهناك حاجة ماسة الى إعادة إعمار المناطق المتضررة بالحرب وإرجاع النازحين إليها بعد القيام بتأهيلها، ويجب أن يكون هذا من أولويات الحكومة وهو مما يسهم في تقليل خطر تنامي الفكر المتطرف في هذه المناطق مرة أخرى، كما أن على المنظمات الدولية ودول العالم المساعدة في سرعة تحقيق ذلك.
وأكد المرجع الأعلى، على أهمية الالتزام العملي من قبل الجميع ـ {مسؤولين ومواطنين}ـ
بمقتضيات السلم الأهلي والتماسك المجتمعي وعدم التفريق بين أبناء البلد الواحد ورعاية الأقليات الدينية والاثنية، مشدداً على ضرورة تطبيق القانون على جميع المواطنين والمقيمين بلا استثناء وحصر السلاح بيد الحكومة والوقوف بوجه التصرفات الخارجة عن القانون ـ ومنها عمليات الاغتيال الخطف ـ
ومحاسبة فاعليها بقطع النظر عن انتماءاتهم الفكرية والسياسية.
وبين سماحته، ان العراق يطمح الى أن تكون له علاقات طيبة ومتوازنة مع جميع دول الجوار وسائر الحكومات المُحِبّة للسلام على أساس المصالح المشتركة من دون التدخل في شؤونه الداخلية أو المساس بسيادته واستقلاله، كما أنه يرفض أن يكون محطة لتوجيه الأذى لأي بلد آخر.
 
العقل والحكمة
بدورها، أعربت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، عن سعادتها بلقاء المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، فيما أشارت الى أنه أكد على إعادة النازحين والوقوف بوجه التصرفات الخارجة عن القانون.
وقالت بلاسخارت في مؤتمر صحافي عقدته بعد لقائها بالمرجع السيستاني في النجف الأشرف: “لقد سعدنا بلقاء السيد السيستاني الذي يمثل صوت العقل والحكمة”، مبينة أنه “أعرب عن أمله أن يرى ملامح القوة في الحكومة لاسيما في مكافحة الفساد”.
وأضافت أن “السيد السيستاني شدد على ضرورة تحسين الخدمات”، مشيرة الى أن “الصراع على المكتسبات بين السياسيين لن يسمح بالتقدم”، وتابعت أن “السيد السيستاني أكد أهمية إعادة النازحين وإعادة إعمار المناطق المحررة التي يجب أن تكون من أولوية الحكومة”، موضحة أنه “شدد على أهمية الوقوف بوجه التصرفات الخارجة عن القانون ضد المجموعات أو الأفراد ومتابعة الفاعلين من قبل الحكومة والقضاء”.
ونقلت بلاسخارت، عن المرجع السيستاني تأكيده أن “العراق يطمح بعلاقات مع جميع الدول طالما تحترم سيادة العراق، ويرفض أن يكون محطة لإلحاق الأذى بالآخرين”.
ووصلت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، أمس الأربعاء، إلى محافظة النجف الأشرف للقاء المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني.
 
جهد وطني
في سياق متصل، دعا حزب الدعوة الإسلامية؛ الحكومة ورؤساء الكتل والأحزاب الى الاجتماع وعقد لقاءات متواصلة لإطلاق جهد وطني جاد بناء على توجيهات المرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني.
وأفاد بيان للحزب تلقته “الصباح”، بأن “توجيهات سماحة المرجع الاعلى السيد السيستاني - أدام الله بقاءه - في لقائه بالممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، كانت خارطة طريق ودليلا  للحكومة ولكافة الأطراف السياسية، وقد وضعت النقاط على الحروف وقامت بتحديد الاولويات الوطنية التي ينبغي أن تنصب جهود الجميع عليها بدلاً من الانشغال بالأمور الجزئية والاعمال الصغيرة، وأكدت على ضرورة الاشتغال على تحقيق الانجاز الملموس في وقت سريع في القضايا والملفات الكبرى التي ما زالت تراوح محلها ولاسيما في البصرة الفيحاء والمناطق المحررة، وأن العراق لن يكون ممراً للتجاوز على دول الجوار”.
وأضاف البيان، أن “هذه التوجيهات القيمة وضعت الجميع حكومة ومسؤولين أمام مسؤولياتهم التاريخية الكبيرة في هذه المرحلة الحساسة والحرجة، وعليهم المبادرة الى تحمل هذه المسؤولية بجدارة واثبات ذلك بشكل عملي واضح ومبين”، مشيراً إلى أن “حزب الدعوة الاسلامية وامتثالاً لتلك التوجيهات يدعو الحكومة العراقية ورؤساء الكتل والأحزاب العراقية الى الاجتماع وعقد لقاءات متواصلة لإطلاق جهد وطني جاد من أجل التأكيد على سيادة العراق وتوحيد الاتجاه السياسي العام للعراق والتعاون البناء في إطلاق مشاريع الخدمات واختزال الخلافات الى أدنى حد ممكن والقيام بتحفيز جهود وطاقات جميع مؤسسات الدولة وحصر السلاح بيد الدولة ومكافحة الفساد بشكل فاعل ومؤثر وتكثيف الحملة على مرتكبي الجرائم والإرهاب”.
 
دعوة سياسية
إلى ذلك، دعا القيادي في ائتلاف الوطنية النائب رعد الدهلكي، القيادات والكتل السياسية لجعل توجيهات المرجعية الكريمة بشأن إعادة النازحين وكبح جماح المجاميع الخارجة عن القانون كخارطة طريق لوأد الفتنة وتقوية أواصر الوحدة 
المجتمعية.
وقال الدهلكي في بيان تلقته “الصباح”: “إننا بالوقت الذي نثني فيه ونشيد بتوجيهات المرجعية الرشيدة بشأن عودة النازحين وكبح جماح الخارجين عن القانون، فإننا نؤكد على أن تلك التوجيهات التي عودتنا عليها المرجعية دائماً هي السبيل الامثل لبناء دولة المؤسسات وخلق البيئة المناسبة للتعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد من مختلف مكوناته”.
وأضاف، ان “هنالك أطرافا سياسية لا يروق لها تهدئة الوضع والمضي الى الامام بمرحلة البناء والاعمار لأن هذا الطريق لا يخدمها في فسادها ومكاسبها، بالتالي فهي تسعى دائما للعزف على وتر الصراعات المكوناتية”.
وشدد الدهلكي، على أن “توجيهات المرجعية جاءت في مكانها ووقتها المناسبين وعلى القوى والزعامات السياسية اعتمادها كخارطة طريق للمضي في بناء دولة المؤسسات ووأد الفتنة وأن تكون الأساس الفعلي في العمل الحكومي ضمن منهاجها للمرحلة المقبلة”.