شعلة {الحرية» تنير كردستان إيذاناً باحتفالات عيد النوروز

العراق 2021/03/21
...

 اربيل : كولر غالب الداوودي وسندس عبد الوهاب وخالد ابراهيم  السليمانية: عذراء جمعة 
 
في ظل اجراءات صحية احترازية، عمت اجواء الفرح والبهجة مدن اقليم كردستان احتفالا بعيد النوروز، واضاءت شعلة "الحرية" سماء اربيل والسليمانية ودهوك، وسط دعوات من قبل المحتفلين بهذه المناسبة بان يعم السلام والاستقرار والتطور الاقتصادي والخلاص من جائحة كورونا.
 
وتوجه عدد من الاسر الكردية صباح امس مبدين مظاهر الاحتفال والسرور بارتداء الزي الكردي ذي الالوان البراقة الجميلة مع السائحين والزائرين والمقيمين من مختلف القوميات والمذاهب والاديان الى وسط المدينة بارك النافورة المجاور لقلعة اربيل تعبيرا عن فرحهم بأعياد نوروز. 
ومع بداية حلول الظلام تم ايقاد شعلة النار في قلعة اربيل، بالإضافة الى الحدائق والمتنزهات في المدينة في ظل اجراءات وتدابير وقائية اهمها ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي وعدم التجمع في مكان واحد.
 
السيطرة على كورونا 
وقال نائب محافظ اربيل هيمن قادر لـ"الصباح": انه "تم هذا العام منع تنظيم الاحتفالات واقامة التجمعات في اربيل باعياد النوروز واتخاذ اجراءات قانونية ضد المخالفين لضمان السيطرة على فيروس كورونا".
واصدرت غرفة عمليات اربيل عددا من القرارات بشأن اعياد النوروز، منها ايقاد شعلة نوروز بمكان واحد من دون تجمع جماهيري، والسماح للمواطنين بالخروج للسفرات في الطبيعة مع مراعاة التعليمات الصحية وعدم التجمهر، اضافة الى منع تجوال سيارات الحمل والدراجات النارية، وتسهيل دخول المجاميع السياحية بعد اجراء فحص كورونا قبل 72 ساعة.
واضاف قادر ان "محافظ اربيل قام مساء امس بايقاد شعلة نوروز في القلعة بحضور عدد قليل من مسؤولي الحكومة في كردستان".
واشار الى "توصية المفارز الصحية والقوات الامنية بمتابعة عدم تجمهر المحتفلين واقامة الدبكات الكردية المعروفة مع الحرص على تباعدهم عند احتفالهم في الاماكن السياحية".  
ويحتفل كرد العالم سنويا بعيد النوروز في 21 اذار من كل عام، ويعدونه عيدا وطنيا له رمزية خاصة، ويعتبرونه بداية العام الجديد نسبة الى التقويم الكردي الذي يعلن انتهاء فصل الشتاء وبداية فصل الربيع.
 
السياحة في الاقليم
بدوره، اشار المتحدث باسم هيئة السياحة في كردستان نادر روستي  لـ"الصباح" الى "التشديد على فحص كورونا للداخلين الى كردستان".
وبين ان "هذه الاجراءات الوقائية ستؤثر في موضوع حركة السياحة في الاقليم، لكن صحة الناس والحرص على عدم انتشار الفيروس هو الاهم لدى حكومة كردستان".
ومن طقوس الاحتفال بعيد النوروز، ارتداء الازياء التقليدية للشعب الكردي، حيث يرتدي الرجال اللباس الاخضر التقليدي، اما النساء فيرتدين الاثواب الملونة والمزركشة المستمدة من الوان الزهور، كما انهم يخرجون للطبيعة ويقيمون حفلات الشواء ويشعلون النيران مع بداية ليلة المناسبة قبل شروق شمس العام الجديد، كما تسمع الاناشيد والاهازيج  الكردية القديمة واقامة رقصات تعرف بـ "الدبكات".
من جهتها، هنأت رئيسة هيئة السياحة في اقليم كردستان امل جلال خلال لـ"الصباح" مواطني اقليم كردستان وكل من يحتفل باعياد النوروز وايقاد الشمعة الخالدة.
وتمنت امل "ان يكون هذا العيد عيدا للمحبة والسلام والاستقرار لعموم العراق، والتوافق والتوحد بين الجميع".
ودعت "المحتفلين للالتزام بتطبيق التعليمات الصحية و المحافظة على نظافة البيئة والمناطق السياحية، وطالبت اصحاب الفنادق والقرى والمناطق السياحية بضرورة تقديم تسهيلات كبيرة لجميع السائحين".
 ووزعت هيئة السياحة في الاقليم ارشادات وفولدرات لتوعية المواطنين والتعريف بالاماكن السياحية ونسقت مع الفرق والكروبات السياحية المقبلة من وسط وجنوب البلاد لتقديم الخدمات".
 
تنسيق بين الوزارات
اما رئيس رابطة الفنادق والمطاعم في اربيل شكر عزيز، اكد لـ"الصباح" ان "جميع الفنادق جرت تهيئتها لاستقبال السائحين من مختلف المدن والمحافظات".
ولفت الى "وجود تنسيق كبير بين الوزارات مثل الصحة والسياحة والهيئات الادارية للمناطق لضبط المناطق السياحية وتطبيق الاجراءات الصحية حرصا على سلامة المحتفلين من الجائحة وضمان قضائهم اوقات فرح وسرور بهذه المناسبة".
وتقام مناسبة عيد النوروز هذا العام وسط امنيات ودعوات بزوال وانتهاء كوفيد -19 وان يعم الازدهار والانتعاش الاقتصادي وحل المشكلات العالقة بين الحكومة الاتحادية والاقليم.
اما المتحدث الاعلامي في محافظة اربيل كنعان بهاء الدين، افاد لـ"الصباح" بان "عيد نوروز يعد عيدا قوميا وتاريخيا يعبر عن الحرية ورفض الظلم ورمزا للانتصار، حيث يحتفل به الاكراد سنويا".
بينما بين الاكاديمي في قسم التاريخ جامعة صلاح الدين في اربيل عبد الله شوان لـ"الصباح" ان "اصل كلمة نوروز او نيروز هو اليوم الجديد، ويعتبر اول يوم في التقويم الهجري الشمسي ويعد يوم الاعتدال الربيعي حين تكمل الارض دورتها حول الشمس، ويحتفل الاكراد في كل عام ابتداء من ليلة 20 اذار بإيقاد شعلة النار والتي تسمى شعلة كاوة الحداد في اعالي الجبال وقممها الشاهقة خارج المدينة وداخلها في المناطق التي تشهد تجمعات واحتفالات رسمية وغير رسمية في الحدائق والمتنزهات اهمها بارك شاندر وبارك منارة وقلعة اربيل ويستمر الاحتفال بما يقارب الاربعة ايام". 
واضاف "من العادات والتقاليد للاحتفال بعيد نوروز ارتداء الزي القومي التراثي الكردي الذي يتميز بالألوان الزاهية الجميلة وسط الاغاني والحفلات الموسيقية والدبكات الكردية على شكل حلقات دائرية يرقصون بها ويشاركهم الفرح والبهجة السائحين القادمين من داخل البلد وخارجه وتحضير الاكلات التقليدية من قبل النساء الكرديات وعمل المعجنات والحلوى وتوزيع بعض منها بين الاسر التي تشاركهم بالعيد".
بينما اعرب المواطن هفال زنكنه، لـ"الصباح"، وهو يتجول برفقة اسرته في بارك شاندر: ان "يعم الخير والفرح والامان والاستقرار في مختلف جوانب الحياة وان ينتهي الوباء ويزول وان تعود الحياة الى طبيعتها السابقة".
اما زوجته جوان (موظفة في وزارة التربية)، قالت انه منذ يوم امس انجزت جميع التحضيرات اللازمة للاحتفال مع اسرتي واعداد الوجبات الغذائية المختلفة والعصائر والحلويات وغيرها".
ونوهت بانه "بسبب الوضع الاقتصادي المربك لم نستطع شراء او خياطة الملابس الجديدة، ونأمل ان تكون السنة الجديدة فاتحة خير لحل الخلافات بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية لاسيما رواتب الموظفين وعدم اقتطاع 21% من الراتب والتي تؤثر بشكل كبير في دخل الفرد في ظل مقومات المعيشة الصعبة وارتفاع الاسعار بعد انخفاض قيمة الدينار".
 
استعدادات امنية وخدمية 
وفي السليمانية، انهت المحافظة جميع الاستعدادات الامنية والخدمية والصحية للاحتفال باعياد نوروز في ظل اجراءات احترازية لمنع انتشار فيروس كورونا، في وقت يستمر فيه استقبال السائحين من مختلف محافظات البلاد.
وقال قائممقام المحافظة اوات محمد لـ"الصباح": ان "غرفة عمليات المحافظة انهت خطتها الامنية والخدمية والصحية الخاصة باحتفالات الربيع".
واوضح ان "شعلة نوروز تم ايقادها مساء امس السبت في جبل كويزة ومنطقة مامايارا مع التزام المواطنين بجميع الاجراءات الوقائية بلبس الكمامة وتحقيق التباعد الاجتماعي"، مشيرا الى "السماح لجميع المواطنين في المحافظة والسائحين القادمين لها بالتنزه بجميع الاماكن السياحية والمتنزهات العامة بشرط تطبيق التعليمات الصحية والتدابير الوقائية وتجنب الازدحامات".
وذكر انه "سيتم قطع الشارع الرئيس لمركز المدينة لمدة ثلاثة ايام للسماح للمواطنين بالاحتفال بعيدا عن الزحامات وتم اعلام المواطنين بهذا الامر".
وافتتح محافظ السليمانية هفال ابو بكر الحفل الثقافي لفعاليات نوروز ومقر الانشطة المحلية الذي نظمها مركز "مونتيسوري" التعليمي وايقاد شعلة نوروز، فضلا عن المشاركة في مهرجان نوروز الثقافي للحفاظ على الاصالة والتراث بالاضافة الى مهرجان الربيع للاعمال اليدوية الذي اقامته عدد من نساء السليمانية وخصصن ريعه الى جمعية المكفوفين في "بارك هواري شار" لمدة يومين، حيث تضمن الاعمال اليدوية باختلاف انواعها كالرسم والسيراميك وتصميم الملابس وعمل الاكلات الشعبية وبيع المنتوجات المحلية. 
وعلى الصعيد ذاته، جهزت دائرة السياحة في السليمانية جميع الاماكن السياحية في المحافظة لاستقبال السائحين من مختلف محافظات البلاد ومن دول الجوار للاحتفال باعياد نوروز ومنها مصايف دوكان، احمد اوة،جمي ريزان، سيتك، ميركبان، وجبال ازمر، كويزه، بيره مكرون وغيرها ،بالاضافة الى المتنوهات والحدائق العامة التي يزورها المواطنون للاحتفال باعياد نوروز. 
واكدت وصول عدد السائحين الى 50 ألف سائح الى الان، متوقعة زيادة هذا العدد خلال ايام الاسبوع الحالي لانه لم يتم فرض اية شروط على السائحين سوى الالتزام بالاجراءات الوقائية.
نيران نوروز 
في دهوك، اعلنت اللجنة المنظمة للاحتفال بنوروز في قضاء عقرة شرقي دهوك، عن استعدادها لاستقبال عيد نوروز بإيقاد نيران نوروز في الجبل المطل على المدينة.
وقال عضو اللجنة هفال فندي: إن "الاحتفال في المدينة سيقتصر على إيقاد النيران من دون اقامة حفلات رسمية في أمسية استقبال عيد نوروز".
وأوضح أن "اللجنة المنظمة شكلت فرقا شبابية لإيصال مشاعل النيران الى قمة الجبل واشعال النيران هناك إيذانا بقدوم عيد نوروز"، مشيرا الى ان "تحديد صيغة الاحتفال واقتصارها على إيقاد النيران واطلاق العاب نارية جاء التزاما بتوجيهات الحكومة للوقاية من فيروس كورونا الذي بدأ بالانتشار مرة ثانية في اقليم كوردستان". يذكر ان قضاء عقرة بمحافظة دهوك  معروفة بإقامته مراسيم مهيبة لاستقبال عيد نوروز نظرا لجمال الطبيعة الجبلية فيه وتنظيم مراسم الاحتفال دفع بالسائحين من داخل اقليم كوردستان وخارجه للتوجه الى القضاء لمشاهدة مناظر النيران والالعاب النارية ومتابعة الحفلة الخاصة بمشاركة فناني المنطقة.
 
قصة نوروز
تعود قصة عيد النوروز إلى آلاف السنين، ففي ملحمة الملوك – شاهنامه، يروى ان قصة (كاوه الحداد) الذي يعتبره الشعب كردي فارس الحرية ورمزَ الثورة الكردية على الظلم والاستبداد، فهو من خلصهم من الحاكم الظالم الذي قتل المئات من الشعب الكردي، فكاوا الحداد أنهى تاريخ الملك الشرير الذي يُدعي (الملك زهاك)، حيث كان هذا الملك، وحسب رواية القدماء، يقتل الأطفال ويُطعم أدمغتهم لثعابينه التي يضعها على كتفيه.
ومنهم من قال: إنه كان مختلاً عقلياً ويقتل الناس كي يحصل على أدمغتهم ويضعها على  رأسه. وبعودتنا إلى القصة، سلب هذا الملك الشرير أطفال كاوه الـ 15 ولم يتبقً لديه سوى فتاة صغيرة، أراد الحداد أن يفديها بروحه فتوجه إلى قصر الملك وحاربه وانتصر بمطرقته على سيف الظالم.
وأشعل النيران على سطح القصر وحمل شعلة بيده، فعرف الأهالي أن مشعل الحرية ارتفع، وأن شمس الـ 21 من آذار هي ولادة جديدة وفصل يُبشر باللون الأخضر والفرح.
ويُقال: إن أصل كلمة نوروز Newroz بالكردية، انها تتكون من مقطعين "نو" new بالكردية اللاتينية يعني "جديد"، وروز الكردية بالأحرف العربية هي "يوم" مما يعني يوم جديد.