بوتان مملكة السعادات

الصفحة الاخيرة 2021/03/22
...

عبد الهادي مهودر
ما هو اليوم الدولي للسعادة ولماذا حددته المنظمة الدولية في العشرين من آذار من كل عام ؟، ومن هي الدولة التي أوجدت هذا اليوم، وماهو موقعنا في خريطة السعادة العالمية ؟، بل وماهي السعادة، وماهي مؤشراتها في السياسات العامة والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية ؟.
مملكة بوتان أو أرض التنين والرعد هي أصغر الممالك والنقطة السعيدة بين الهند والصين والدولة التي يعود لها الفضل في اختيار اليوم الدولي للسعادة فقد اعتبرت (ان السعادة الوطنية أكثر أهمية من الناتج القومي الإجمالي)، اعترافاً بسيادة السعادة الوطنية على الدخل القومي، وتعتمد بوتان تسعة مقاييس لمكونات السعادة، وهي الصحة النفسية والبدنية، والتعليم، واستخدام الوقت، والتنوع الثقافي، والقدرة على التكيف، والحكم الرشيد، وحيوية المجتمع، والتنوع البيئي، ومستويات المعيشة، الى جانب الفلسفة الشعبية للتفكير بالموت، اذ ترفع شعار (فكر في الموت تَسعد) وعلى المواطن البوتاني أن يفكر في الموت خمس دقائق على الأقل حتى لايكون الموت سببا دائما للاكتئاب وحائلاً دون تحقيق الأحلام، ولفت هذا التوجه اهتمام منظمة الأمم المتحدة وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2011 (قرار السعادة)  الذي حثت بموجبه الدول الأعضاء على اتباع مثال مملكة بوتان، وبالنسبة للأمم المتحدة فهي منظمة حالمة بعالم سعيد وتحدد الكثير من الأهداف الكبيرة على الرغم من عدم قدرتها على تحقيقها ومنها هدف السعادة لجميع الشعوب الذي لم يتحقق، ومن المفارقات ان اليوم الدولي للسعادة قد تقرر في عهد أمينها العام بان كي مون وهو الشهير بالإعراب عن القلق منذ توليه منصبه مروراً بزيارته الشهيرة الى بغداد وتذوقه طعم القلق الحقيقي، وانتهاءً بخروجه من منصبه متهماً بالتقصير في ملفي مكافحة الفساد، والدفاع عن حقوق الإنسان في الدول التي تحكمها الأنظمة القمعية، أي ان الأمم المتحدة لم تحقق السعادة لنفسها، ومملكة بوتان هي التي وضعت نفسها في مقدمة الدول على خريطة السعادة العالمية ولم تستورد السعادة، وكأنها تقرأ لنا كتاب جامع السعادات وكيفية تهذيب النفس وفعل الخير لإسعاد الناس، ولا غرابة في تفكير (البوتانيين) بالموت لمدة خمس دقائق فقط لصناعة السعادة لكن الغرابة في التفكير طوال الوقت بصناعة الموت.