ثقافة النأي بالنفس او (الشعليه)

آراء 2021/03/22
...

  طه الخزرجي 
 
 اشار بول ريكور في كتابه «الذاكرة، التاريخ، النسيان» الى معالجته هشاشة الهوية، وهذه الهشاشة حسب ريكور هو ما يطلق عليه اسم إرث العنف المؤسس، وعند مناقشة المسألة وفق التساؤل التالي، هل ما زلنا متوجسين من السلطة؟ ام اننا متوجسون من التغيير؟ 

وان من سماتنا هي ثقافة النأي بالنفس «الشعلية» واخذنا نتساءل جميعنا، لماذا نساير السلطة برغم العديد من السلوكيات غير الموفقة لها، وهذه الطبقية المقيتة، ومستويات الفقر العالية، وهذا الموت السريري للاقتصاد؟. ربما لأننا مرعوبون من السلطة، او اننا ورثة عنف مؤسس كما عند ريكور، فهي ذاكرة قسوة الاستبداد وقهره لحريتنا.
إنَّ الحرية مفهوم عقلي للوصول للامن النفسي، هذا ما اشار اليه العديد من الفلاسفة، فاننا ادركنا ومن خلال سادية السلطة حلقات فوبيا كبّلت العقل العراقي، من قبل المقدس السياسي (اطلقنا صفة المقدس، لأن حدود الجدل تقف عند اسوار ايديولوجيته، وعملية المساس بها قد تدفعهم الى اعدامك، وتشتيت أسرتك، واصابتها بالجذام السياسي، وان قدسية ايديولوجيته لا تشفع عندها اية قدسية اخرى في حالة المرور بها فقط بانتقاد بسيط، وان ثقافة الفرعون تبدو رحيمة اذا ما قورنت بها). ان ايمانهم بهذه القدسية وجعلها مثابة سادية تسلطية، ادت الى أدلجة جزء من المجتمع، وخضوع الأنا الجمعية المثالية له، لعدم استطاعتها المواجهة مع هذا التسلط الرأسي العنيف، وللحفاظ على نوع من البقاء خارج هذا الرحم الامني المخيف، باتت ثقافة النأي بالنفس منجية من العقاب، والسير جنب الحائط وقد ساير البعض من افراد المجتمع هذا التسلط، واصبحوا رحماء لهذه السلطة وكهنة داخل صنمية السلطة، وحارسا امينا على كل التعليمات المقدسة للسلطة، وانتجت مجموعة متأدلجة، تحرص على تنفيذ تعليمات المعبد من الكاهن الاكبر، لانه منتج هذه التعليمات، ومن ثم فإنها أخطر على السقف المجتمعي من رعاة السلطة، واختزلت حرية المجتمع داخل انفسنا، لا تغادر اجسادنا، ودجنت احلامنا، وهنا اشارة لسارتر نود المرور بها (الشخص السادي لا يبحث عن قهر حرية من يعذبه، بل يبحث في اجبار هذه الحرية على ان توحد في حرية نفسها مع الجسد المعذب)، في الماضي القريب لم نحظ حتى بالجسد المعذب، بعد ان يغادرنا الى عدميات السلطة ومجاهيلها، وكون من يعترض على السلطة قرابين
 الفراغ.