مهدي القريشي
إنَّ رأس المال العالمي والمتمثل بالشركات والكارتلات الكبرى له دورٌ مؤثرٌ في خلق الأزمات العالميَّة ليس على المستوى الاقتصادي والمالي فحسب، بل يتعداه إلى كل مفاصل الحياة السياسيَّة والاجتماعيَّة.
ورأس المال هذا جشعٌ في صفته الأخلاقيَّة وشرسٌ في تحقيق أهدافه, ولا تقف دناءته عند حدٍ معينٍ فإنه يتواجد حيثما تتواجد المنفعة وفلسفته البراغماتيَّة مكشوفة للجميع، وتأثيراته في السياسة الدوليَّة والانحياز إلى مصالحهِ الأنانية واضحة للعيان حتى ولو كانت على حساب المبادئ الإنسانيَّة.
ما ستجنيه شركات الأدوية العالميَّة الصينيَّة والأوروبيَّة والأميركيَّة نتيجة إنتاجها للقاح كورونا حتما سيصل الى أرقامٍ خياليَّة وستغطي وتزيد عما خسرته من تعطيل إنتاجها الصناعي وتوقف أسواقها الماليَّة والتجاريَّة خلال الجائحة، فقد دخلت شركات الأدوية العالميَّة سباق المنافسة لإنتاج لقاح مضاد لـ»كوفيد – 19) قد أعلنت شركة «فايزر» أنها تتوقع أنْ تصل قيمة مبيعات لقاحها المضاد لفايروس كورونا المستجد، الذي طورته بالاشتراك مع «بيونتك» إلى 15 مليار دولار في 2021، على أنْ ترتفع أكثر إذا وقعت مزيداً من العقود لاستخدامه.
وأشارت تقديرات مؤسسة «مورغان ستانلي» المتخصصة بالخدمات الماليَّة والاستثمارية، إلى إمكانية تحقيق «فايزر» عائدات تصل قيمتها إلى 19 مليار دولار من بيع لقاحها في العام 2021 فقط، كذلك توقع محللو «مورغان ستانلي» أنْ تجمع «فايزر» 9.3 مليار دولار من بيعها للقاح المضاد لـ»كوفيد - 19»، كأرباحٍ مجمعة في العامين التاليين 2022 و2023.
ومن خلاصة للدراسات فإنَّ العالم يحتاج في سنة 2021 الى 3 مليارات جرعة، وحتى في هذه الأزمة ظهر للسطح التفاوت الطبقي، فانقسم العالم الى دولٍ فقيرة ودولٍ غنيَّة في الوقت الذي لا تجد الدول الغنية (كأميركا ودول أوروبا) أزمة في شراء الجرعات، ما حدا بها الى التعاقد مع شركتي (موديرنا وفايزر) وتم الاتفاق مع شركة فايزر على شراء 1,1 مليار جرعة من إجمالي 1,3 مليار جرعة التي يتوقع إنتاجها نهاية هذا العام، مقسمة كالآتي، أميركا 600 مليون جرعة من شركة فايزر، والاتحاد الأوروبي 300 مليون جرعة من لقاح فايزر وبيونتيك، أما بريطانيا فحجزت 40 مليون جرعة من لقاح فايزر، بينما تعاقدت بقية الدول مع الشركات الصينيَّة والروسيَّة.
أما شركة موديرنا التي تلقت 2,5 مليار دولار من الحكومة الأميركيَّة فقد وعدت بتأمين 100 مليون جرعة للأميركيين ووقعت عقدًا مع كندا وسويسرا وقطر واليابان وإسرائيل وتتفاوض مع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، إذ تنوي هذه الشركة إنتاج 500 مليون الى مليار جرعة سنة 2021.
هل تعتقدون أنَّ انتشار هذه الأوبئة والفايروسات المتناسلة والمخيفة في كل أرجاء العالم محض صدفة؟ أم أنَّ هناك رؤوساً تخطط لجني المليارات من الدولارات وبهذه الطريقة الوحشيَّة؟
الجواب ببساطة الشركات المتوحشة لا بُدَّ أنْ تفترس ومصيرنا مرهونٌ بسياساتها القذرة.