محمد شريف أبو ميسم
في وقت تتماهى فيه الرياض مع كل مفردات السياسة الأميركية في المنطقة والعالم وليس لديها ما يتقاطع معها!. تقوم ادارة بايدن بعد اعلانها عن ايقاف دعمها للسعودية في حربها ضد اليمن، باعادة فتح ملف مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ملوحة برفع السرية عن هذا الملف المخابراتي وادراجه ضمن فاتورة الحساب الجديد، عبر اتصال بايدن بالملك سلمان بوصفه الحاكم الفعلي، في اشارة ما الى ولي العهد محمد بن سلمان. فما الذي ستحققه الادارة الأميركية الجديدة من اعادة فتح هذا الملف؟ هل تريد اكتساب المزيد من المال في سياق امتداد لسياسة الابتزاز التي اتبعتها الادارة السابقة؟
لايبدو الأمر كذلك، لأن هذا الأمر هو تحصيل حاصل في اطار ما خلفته ادارة "ترامب" ورغبة الحكومة السعودية المتواصلة في قيادة المنطقة، بدعم من الولايات المتحدة مقابل المزيد من صفقات الأسلحة والشراكة الأمنية مقابل المال. طيب، ما الذي تقصده ادارة بايدن بـ"المبادئ الجديدة التي ستحدد عواقب أية هجمات مستقبلية ضد الصحفيين العاملين في الإعلام الأميركي"؟.
قد لا تبدو هذه الأسئلة ذات جدوى، ازاء المنعطفات الخطيرة والمهمة وتحديدا منها ما يتعلق بموقف الادارة الأميركية الجديدة من قرار انسحاب الولايات المتحدة من ملف الاتفاق النووي، الا ان تصريح المتحدثة باسم البيت الأبيض "جين ساكي" في معرض ردها على سؤال حول ما إذا كان سيتم فرض عقوبات ضد السعودية، فيه الكثير من الدلالات بشأن توظيف هذا الملف في سياق ملامح متغير جديد يلوح في الأفق، وهنا نستطيع البحث والاستنتاج.
اذ أكدت ساكي"إن الولايات المتحدة تدرس مجموعة من الإجراءات ضد السعودية، على خلفية مقتل خاشقجي". هنا تبدو دلالات هذا الاجراء، بعد ايقاف دعم السعودية في حرب اليمن، واستبدال سياسة العصا بسياسة الجزرة مع ايران، وكأن ثمة أمرا معدا مسبقا، أمر كان جزءا من مسرحية داعمة للثورات المطالبة بالحريات والتعددية وحقوق الانسان والتداول السلمي للسلطة، التي أطلق عليها مسمى "الربيع العربي"، جزء حجب عن العرض بموجب تكتيك يراد به تقديم المزيد من التنازلات السعودية مقابل ايقاف العرض المقرر في الرياض، بالتزامن مع زيادة الضغط على التيار الاصولي في ايران. وهذا الأخير يبدو الآن في أضعف حالاته حيال التيار الاصلاحي تحت ضغط الحصار، وسيكون أكثر ضعفا بمجرد العودة النهائية للاتفاق النووي، بوصفه تيار حرب، ومع عرض الفصل الأخير من سيناريو الخريف العربي في الرياض، سينتصر التيار الاصلاحي في ايران، وتكون المنطقة أكثر استعدادا للانطلاق في مشروعي صفقة القرن والشرق الكبير.