جريمة بلا عقاب

الصفحة الاخيرة 2021/03/29
...

عبد الهادي مهودر
يشهد العراق منذ عقود جرائم قتل مستمرة، الضحايا فيها معروفون والجناة أحرار،  بل لا يواجهون أي إتهام ولاعقاب ولايدرون انهم قتلة من فرط استخفافهم بحياة الناس، تلك هي جريمة إطلاق النار في الهواء والقتل بالرصاص الطائش والملهاة التي تتحول الى مأساة على الجانب الآخر حين تصيب وتقتل، والغريب في الأمر أن حوادث ومشاجرات بسيطة تأخذ اهتماماً  أكبر وتعقد لها جلسات الفصول العشائرية إلا القتل العشوائي فهو جريمة تطوى على الفور وتقيد ضد مجهول وينتهي الأمر بلافتة نعي للضحية من دون تحقيق وإتهام ولا تشخيص ولاعقوبة ولا تعويض، واطلاق الرصاص في الهواء سلوك اجتماعي عابث وعشائري متوارث يمتزج فيه التباهي مع استعراض قوة، لم تردعه القوانين ولا التحذيرات ولا المآسي الناجمة عنه ولا حتى الفتاوى الدينية، وهو حلقة من سلسلة رهيبة لحلقات الاعتداء على أمن المجتمع وحياة الناس التي تتطلب تحريك الإدعاء العام لدعاوى الدفاع عن المجتمع المجني عليه وهي ظاهرة من صميم اختصاصاته وليست قضية فردية عابرة، وحسب مشاهداتنا العيانية فهذا الصنف من الأفراد المتمردين على القانون يتمردون على العشيرة ايضا ولا يستمعون الى أصوات العقلاء فيها ويمارسون هوايتهم بحرية وسادية وإصرار في ظل ضعف في تطبيق القانون  وعدم تفعيله وضعف تأثير العقلاء في المجتمع، ولفداحة هذه الظاهرة غير المسيطر عليها يوصي بعض من لديهم مخافة الله اذا حضرهم الموت، أبناءهم وابناء عمومتهم بعدم اطلاق النار خلف جنازاتهم، ليختموا حياتهم بنهي عن منكر يعرفون عواقبه الوخيمة وبدعوة  لكف الأذى عن الناس .
ومع تزايد ضحايا القتل العشوائي وعدم وجود أمل بإنهاء طوعي لهذه الظاهرة ولا بوادر تبشر بالتخلي القريب عنها، نقترح على وزارة الداخلية إعلان إحصائية بعدد ضحايا اطلاق النار العشوائي بشكل دوري، اعتماداً على شهادات الوفاة التي تصدر عن دوائر الطب العدلي في وزارة الصحة، تبدأ بحصر شامل لضحايا السنوات الماضية، وذكر عدد الاصابات والوفيات حسب ترتيب المحافظات والأقضية والنواحي، ليشكل ذلك مقارنةً في ما بينها وضغطاً اعلامياً واجتماعياً لوقف الاعتداء السافر على أفراد المجتمع الذين باتوا بأمسّ الحاجة الى مظلة قانونية فاعلة تحميهم من احتمالات القتل الواردة في أية لحظة، أو خوذ من الفولاذ تحمي رؤوس المواطنين من الرصاصات الطائشة.