بلاسم محمد

الصفحة الاخيرة 2021/04/11
...

حسب الله يحيى 
عصي على الحبر والكلمات والالوان، عصي على اللافتة السوداء التي تحمل اسمه، عصي على الجمال وهو في كامل ألقه، عصي اسم بلاسم محمد على جراحاتنا التي كان بلسماً لشفائها، عصي على الزمان والمكان، والرفقة الجميلة والانفاس النقية والصدق الاصدق من البياض.
عصي على قماش اللوحة التي يجمع خيوط نسيجها بأنامله الساحرة، عصي.. بلاسم الخير والمحبة والجمال أن يأخذه الموت من أنفاسنا، فقد كان الرجل يتفرد بابتسامة احلى من الحلا، واعذب من قطرات مطر تغسل حدائق كلية الفنون ببغداد.
كانت بغداد تزهو بزرقة شعاره في عاصمة الثقافة، وشعاراته والوانه وأنفاسه في كل ما يعطيه من جاذبية فذة وهو يقدم لنا زاده الفني، وفي كتبه الاثيرة: (شغب الفن، الفن المعاصر ـ اساليبه واتجاهاته، الفن والعمارة، عزلة الفن، الفن والقمامة).
بلاسم محمد، فنان جمالي من طراز خاص، يقف مع محمد سعيد الصكار على مسافة واحدة، مثلما يقف في البومه الضخم ابعد مما قبله وبعده، حتى تلمس وجوده بوضوح وتشخيص دقيق في اي من اللوحات التي يعطيها من قلبه وحواسه وذهنه، كان معلما بارعاً، خطابه الجمال، وزاده الالوان والحروف، وقلب قدَ من جمال وفتنة واحساس عميق بالاشياء. بلاسم محمد، استثنائي في حضوره الفني والاكاديمي، ومكانه لا يمكن أن يملأه أحد بسهولة، وذلك لان بناء هذا البلسم عصي على من لا يمتلك اصالة الفنان المفكر والمهندس الذي تمكن من أن يشق دروبه الخشنة بأنامل ناعمة، وبحضور رقيق نستشف عن طريقه قلبا نابضا بحب الحياة، والجذر العميق الذي حفره لمعطيات الجمال وهو ما تعطيه الحياة للانسان من قيم نبيلة ووجود يزهو بالامل والخير والبذل والعطاء.
من هنا، من هذا الامتداد السامي الذي زرعه بلاسم محمد، يصعب علينا أن نرثيه، فالرثاء للمرض والموت وحدهما، ولا يليق بمثله أن يغلبه المرض ويأخذه الموت منا عنوة. د. بلاسم محمد.. نبض جمالي يحسن أن نستعيده كلما اردنا تأمل الجمال، وذلك لانه ساحر جمالي ستزهو به ذرات تراب خلده في لوحاته واحتضنه في سمو خلوده.. سلاماً بلاسم.. 
سلاماً.