العراق وسوريا.. سنوات الجيرة الصعبة

منصة 2021/04/11
...

 إعداد: الصباح
 
انتهت كل أشكال العلاقات بين البلدين لتستقر على مسطبة الاقتصاد، وهي على ما يبدو تشكل المصلحة المستدامة التي يصعب تعكيرها بين دمشق وبغداد.
في مطلع القرن العشرين كانت بغداد تحت ملكية قبائليَّة موالية لبريطانيا، بينما كانت سوريا تتفجر فيها الانقلابات لعدّة مرات في السنة. ضباط مغامرون وأجواء قوميَّة وحراك سياسي يساعد على تحقيق أحلام أصحاب الرتب. وسار الجيش السوري ليكون مؤسسة فيها تمايز واضح، واستقطاب إثني متوازٍ مع الحركة القوميَّة.
ومع ستينيات القرن الماضي، كان حزب البعث قد تمكن من حجز مكانته بعنفٍ وسط المشهد السوري والعراقي سوية.
ومع أنَّ البعثيين كانوا متوافرين في القصور الجمهورية بين بغداد و»المزة»، إلا أنَّ التقارب بينهما احتاج الى سنوات طويلة بعد رسوخ أقدام حافظ الأسد في السلطة. 
وبعد ثماني سنوات من التخوف والتقارب الحذر، توّجت الطموحات باتفاق بين البكر والأسد على شكلٍ من أشكال الوحدة.
ليأتي صدّام وينسف هذه الخطة وينفذ مذبحة قاعة الخلد الشهيرة.
ولتنتهي العلاقة الرسميَّة تماماً.
ثم أخذت سوريا جانب طهران خلال الحرب العراقية الإيرانية التي فسرتها دمشق على أنها محاولة عراقيَّة لاستثمار العداء الغربي ضد إيران الإسلاميَّة الناشئة 
حديثاً.
واستمرت القطيعة الى غاية وفاة حافظ واستخلاف ابنه بشار الأسد محلة، لتنشأ علاقة اقتصاديَّة بحتة بين العراق الرازح تحت العقوبات، ودمشق التي تواجه مشكلات اقتصاديَّة عميقة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.
وعلى إثر الغزو الأميركي، استمرت دمشق بلعب دور البوابة السريَّة لزعزعة الاستقرار والوجود الأميركي في العراق. 
وفي بعض الأحيان كانت العلاقات مع بغداد (والديمقراطية الناشئة فيها) تتوتر الى درجات عالية مع دمشق المتمسكة بأزوارها السريَّة، الى غاية 2011، حين انطلقت أولى التظاهرات المناوئة لنظام
بشار.
واليوم بعد 10 سنوات من «اختفاء» شكل الدولة السورية، ما زال موقف دمشق غير منفتحٍ على الاستقرار العراقي، الذي يعده البعض بوابة لتغيير النظام جذرياً في سوريا، وهذا ما لا تقبل به، لا طهران ولا موسكو ولا أسرة الأسد.