المستمسك المفقود

آراء 2021/04/12
...

 
 حمزة مصطفى
 
آخر ماينبغي علينا كعراقيين الاحتفاظ به كمستمسك يضاف الى الخمسة الخالدات هو بطاقة لقاح كورونا. لست بصدد انتقاد الإجراء الذي أقدمت عليه وزارة الصحة، فلقد تكون على حق طالما يتخوف الناس من اللقاح. لست أريد تشتيت الفكرة بما لهذا الإجراء أو عليه بقدر ما أريد الإشارة الى تعدد المستمسكات التي يتعين على أي مواطن عراقي إبرازها هنا أو هناك لكي يثبت أنه عراقي. بعد التغيير عام 2003 سقط النظام والدولة معا. وما أن أفقنا من هول المفاجأة حتى تجزأت الهوية التي يفترض أنها وطنية الى شكلين من العراقيين (عراقيو الداخل، عراقيو الخارج)،  وقد تناولت تلك الإشكالية في مقال سابق هنا في “الصباح”.   
وما أن تبين الخيط الأبيض من الخيط الوردي حتى تجزأ عراقيو الداخل وعراقيو الخارج الى مع أو ضد. وبينما احتدم الجدل والنقاش على المستوى الفكري والسياسي حتى تجزؤوا طبقا لمجموعة من الهويات الفرعية (القومية والدين والمذهب  والطائفة والعشيرة). تقريبا اختفى بعد سنوات هذا التقسيم الذي يفترض أنه كان جائرا. لكن ما الذي جعل هذا التقسيم يختفي؟، الإجابة بحد ذاتها مصيبة “كشرة”. فالعراقيون بداخلهم وخارجهم اتفقوا على سلسلة من التقسيمات الأكثر خطورة على حياة ومستقبل أي شعب أو أمة. 
فنحن اليوم مختلفون على النشيد الوطني.. لماذا؟، بسبب فقدان هوية المواطنة. وللسبب نفسه نختلف على العَلَم وعلى العيد الوطني. عند هذا الاختلاف عاد كل العراقيين بمختلف هوياتهم التي يفترض أن تكون فرعية الى الاختباء خلف تلك الهويات. بمعنى أكثر وضوحا صار عراقي الخارج أكثر قربا من عراقي الداخل على حساب القوميات الأخرى نزولا عند باقي الانتماءات. الجامع الوحيد المتبقي لنا هو سلسلة المستمسكات التي يتعين علينا إثبات هويتنا الوطنية عند إبرازها في الحواجز والسيطرات والدوائر والمطارات والمنافذ الحدودية. ورثنا المستمسكات الأربع من حقبة ماقبل 2003، ثم أضيفت لها مستمسكات أخرى كان آخرها بطاقة اللقاح التي يتعين إبرازها بدءا من المول والمطعم  الى 
المطار.
قبل هذا المستمسك الجديد الذي أضيف الى الأربع الخالدات (الجنسية وشهادة الجنسية أو “الموحدة” وبطاقة السكن والبطاقة التموينية) هي بطاقة التحديث البايومتري. من يتعين علينا لومه جراء هذا التشتت الهوياتي .. الدولة أم المواطن أم .. سلمان  المنكوب؟.