أبو ضاري، واسمه سالم خالص، شاعر شعبي معروف منذ الستينيات، وهو شقيق الأستاذ صلاح خالص صاحب مجلة (الثقافة) العراقية المعروفة.
كان له حضور في مشهد الشعر الشعبي العراقي من خلال برنامجه الإذاعي (ركن الشعر الشعبي) الذي كان يُقدّم من إذاعة الجمهورية العراقية، وكذلك من خلال تحريره صفحة الشعر الشعبي في جريدة (صوت الفلّاح) التي صدرت في بداية السبعينيات أو أسبقَ بقليل. ولهُ مجموعة شعريَّة مطبوعة بعنوان (فراگين الهوى) وأُخرى مخطوطة بعنوان (البرنو) لم يتسنَّ لهُ إصدارها حيث عاجله يقين النهاية:
الموت.
أسهم هذا الشاعر من خلال البرنامج والجريدة في تقديم أصوات شعرية، ما زال بعضها له الحضور والاستمراريَّة حتى يومنا هذا.
لحّنَ له الفنان فاروق هلال قصيدة (ردت انساك) من مجموعته (فراگين الهوى)، وغنّاها المطرب صلاح عبد الغفور، وكانت الأُغنية متميزة شعراً ولحناً وإداءً:
ردت انساك
تاليهه انسيت الناس كلهه إو ما گدرت انساك
تالي اوياك..؟
أحس اعضاي كلهه اتموت واجفل من يمر طرواك
من طاري الهجر أنهار.. وابروحي تشب النار
واعيوني دمعهه ايسيل..
بس گلبي يظل سالم... من حيث الگلب ويّاك
لحقَ بالشاعر اتّهامٌ ما زال قابلاً للكشف والتوضيح بالمطابقة أو التفنيد، إذ لا يوجد ما هو يقيني بالمطلق، سوى أنَّ نمط الشعر الذي يُوقّعهُ باسمه يُشير إلى أصابع غيره. وعندما يتم الإنصات العميق والتحليل الدقيق والمقارنة المتوازية لشعره مع الغير، يكون الاستنتاج بأنَّ هذا النمط الشعري يتجاوز حدود التأثّر بالآخر ليكون صورةً منه.
إنَّ الاتّهام يُحدد الشاعر جودت التميمي بأنهُ كان وراء كتابة معظم قصائد (أبوضاري).، والبعض منها يعود إلى تدخّل الشاعر كريم محمد في صياغتها وبنائها.
من المعروف أنَّ الشاعر التميمي كان يبيع شعره إلى الآخرين تحت ضغط العوز والحاجة الماديّة، وقد صدرت مجاميع شعرية لشعراء زاملوه – نتحفّظ على ذكر أسمائهم – إلّا أنها في الحقيقة من شعره أو من معظم شعره.
والتميمي وقفَ لاحقاً متحسّراً على فعلتهِ هذه، إذ يقول صراحةً في المقدمة التي كتبها لمجموعته الوحيدة (الگناطر) الصادرة
عام 1974:
"في مرحلة العطش والحرمان، صدرت للأسواق مجموعة من الدواوين الشعبية التي يختفي اسمي وراء الأسماء التي تحملها. وقول التميمي هذا يُقرّب الاحتمال إلى حدٍّ ما، بأنَّ أصابع الاتّهام تقصد الإشارة ذاتها. ولا يخفى بأنَّ ظاهرة بيع الشعر كانت شائعة عند بعض الشعراء الفقراء سنوات العوز ومحنة العيش، الشاعر عبد الأمير الحصيري
مثالاً.
في هذه الإشارة، ولكي لا يستأثر بهِ وبنا النسيان، أردتُ أساساً أنْ أُذكّر بالشاعر الراحل (أبوضاري) كاسم شعري معروف بحضوره في الوسط أيام التدافع الشعري/ الفني، إضافة الى دوره في خدمة الشعر الشعبي العراقي إذاعيّاً وصحافيّاً، إذ منح الكثير من الشعراء فرصاً سانحةً في الشهرة والوصول الى مديات ساعدت في الانتشار والتلقي؛ أما الاتهام فيبقى في حدوده المتأرجحة بين التأثّر والاستعانة والتشابه والتقليد، ما لم يتوفر اليقين العياني والشهادة الصادقة والكشف النقدي. وتبقى مجموعته (فراگين الهوى) حاملةً اسمهُ تبعاً لهذه المحددات.