جولة رمضانية بصحبة نجيب محفوظ

الصفحة الاخيرة 2021/04/15
...

زيد الحلي
حل رمضان، ومعه تحل الحكايات والذكريات، فمكانته عميقة في الوجدان وله عبق خاص، وحضور مميز في حياة المجتمع، لاسيما في قطاعات الادب والفنون، وفي البلاد الاسلامية، نشاهد الكثير من العادات الروحانية، والتقاليد الاجتماعية الجميلة التي تعكس مكانة الشهر الفضيل في نفوس المسلمين .
ومن زار مصر في رمضان، او عاش ردحا من عمره فيها، فانه يلمس انبهارا في كيفية الاحتفاء بهذا الشهر، اذ يتحول الليل الى نهار بكل ما تحمله هذه الكلمة من وصف وصدقية،شخصيا سنحت لي فرصة أن اقضي لمرات عديدة، ايام شهر رمضان بأكملها في القاهرة، واتذكر انني في احدى السنين، رافقت الروائي  الكبير الراحل نجيب محفوظ يوما رمضانيا كاملا، ومما قاله في تلك الرفقة، ان شهر رمضان يحرك في نفسه ذكريات تجعله سعيدا، اذ بدأ الصيام  بعمر سبع سنوات، وفي يفاعته كان حريصاً على التوجه سيرا،
مع مجموعة من معارفه، من ميدان العباسية إلى مقهى الفيشاوي الشهير في ميدان مسجد الحسين، يتسامرون حتى السحور، وذكر انه كتب في روايته (المرايا) أن ليالي رمضان كانت فرصة جميلة للصغار من الجنسين، اذ يجتمعون في الشارع بلا اختلاط ويتراءون على ضوء الشموع  وهم يلوحون بها في أيديهم ويترنمون بأناشيد رمضان، ويلوحون بالفوانيس الصغيرة،ويناشدون  المارة وأصحاب البيوت والدكاكين، مرددين أغنية (رحت يا شعبان .. جيت 
يا رمضان).
وفي رفقته تلك، تجولنا في خان الخليلي، وكانت تظاهرة كبرى، اذ تجمع حوله مئات من المعجبين، فهذا المكان من أهم الأحياء السياحية في القاهرة، وله طابع خاص شديد الاختلاف، وهو المعلم الأوحد الذي يحمل التاريخ بين طياته، ويحتفظ بالقاهرة في شكلها التاريخي من دون أن يتأثر بالعصر الحالي، وأعلمني  الكاتب الكبير، أن روايته الشهيرة  "خان الخليلي" كتبها خلال أحد الاشهر الرمضانية، 
وانهاها في اليوم الثاني لعيد الفطر.. كل رمضان وانتم 
بخير.