كيس الطحين

الصفحة الاخيرة 2021/04/18
...

عبد الهادي مهودر
لكيس الطحين في بلادنا قصة ذات شجون، وهو يحكي قصة شعب طالما عانى وحوصر وسُرق، وعلى جمر معاناته كبرت الحيتان وأكلت من حصته في الحياة والعيش الكريم، هذا الكيس الأبيض الوجه والقلب، هو عنوان أمننا الغذائي الذي يمر بطرق وعرة وأيادٍ كثيرة ويكاد أن يفقد القيمة والبركة والجدوى، وحصة الطحين التي تصل المواطن تخرج من بطنها حصص الأسمدة والبذور  والقروض وحصة المزارع وصاحب المطحنة والفاحص والناقل وموظف السايلو والمسوق ومسهّل الأمور، وحصة المتنفذين الذين يستثمرون في موسم الحصص البديع والدنيا ربيع، وكيس الطحين وليد أرضنا وحنطتنا، واحيانا يخضع لمحاولات إجراء عمليات قيصرية وبيانات ولادة غير شرعية، واحيانا اخرى تشاركنا دول مجاورة وشقيقة وصديقة (بسفرة) الحنطة الممدودة على طول وعرض أرض الرافدين، فعلى أرضنا الخضراء تزرع أصناف من الحنطة وتختلط حنطتنا العراقية بحنطة غيرنا لتضيع الحسبة، ومن المزارعين من يبيع خطته الزراعية (شلع قلع) (لأولاد الحلال) الذين يريحونه من مشقة الزراعة والمراجعات ويتقاسمون معه الغنيمة والمستحقات،  والكيس الذي تعرفونه يكلف الدولة الكثير، ووزارة التجارة أدرى بالكلفة، ولا ينفع الفقراء إلا بالنزر القليل وسد الرمق، ونسبة قد تبلغ النصف من المشمولين بالبطاقة التموينية ينتظرون حصتهم على أحر من الجمر وما تبقى من المواطنين (اللا طحينيين) لا ينتظرون ولا يتسلمون ولا يخبزون ولا هم يحزنون، والله وحده يعلم أين تذهب حصتهم ومن المستفيد منها؟!.
كل هذا الخير يتناثر من كيس الطحين، خلال دورته في الطبيعة، الى خزائن المستفيدين ولا يشبع بطون المحتاجين، و لا الكمية ولا النوعية ترضي الشريحة الأكثر احتياجاً، ويحصل ذلك وكلنا على يقين بأن لدى الاغنياء ما يكفيهم ويكفي الفقراء، وكلنا نشهد بالمجهود وغزارة الانتاج لكننا نتوقف عند التفاصيل التي يكمن فيها الشيطان، فكيس الطحين مطارد من المهد الى اللحد، والخوف عليه حق مشروع، لكونه أهم مفردات الحصة التموينية والضامن لأمننا الغذائي، لكنه بحاجة الى حماية من الفساد، بدءًا من نشأته على الأرض ومرورا بجميع الحلقات حتى محطة وكيل الحصة، وبحاجة ماسة إلى عدالة في التوزيع بدل المساواة.