هاتف عند هزيع الليل

الصفحة الاخيرة 2021/04/20
...

زيد الحلّي
انقطعت اخباره عني، ورغم محاولاتي لتتبع آثاره لكني فشلت، وذهبت بي الظنون الى أكثر من منحى، سألتُ عنه اصدقاء كثيرين، فكان جوابهم ان "فلانا" مثل ضوء اصابه العطب، فضاعت مساحة لآلئ الضياء التي كان يمثلها ، يأسي بالعثور على صديق الصبا والشباب والكهولة اصبح مؤكدا، وفي هزيع ليل امس الاول، الاثنين رن هاتفي فلم اجب، خوفاً من مجهول استعجل الاتصال لأمر ربما يحمل خبرا سيئاً، وتكررت الرنة، فمددت يدي لغلق الهاتف، واستسلمت الى نومي 
المعتاد.
المفاجأة كانت حين اعدتُ فتح الهاتف، اذ وجدتُ رسالة من صديقي الغائب لسنوات، يا للعجب، يقول فيها انه حصل على رقم هاتفي من جاره العراقي، الذي يشاركه السكن في مدينة (بارايسو) في كوستاريكا، تاركاً رقم هاتفه، يا لسعادتي، هرعت الى الاتصال به، وفتحنا الكاميرا، فتلاقت الدموع عن بعد، لكن حرارتها لسعت خدينا، وانهالت كلمات الشوق وسؤال يجر آخر، وبعد ان هدأت النفوس جاءت كلمات العتاب، فأوضح أن ظروفاً قاهرة ألمت به، فهاجر من دون هدف حتى حط رحاله في  جمهورية كوستاريكا، وهي دولة  تقع في أميركا الوسطى بالقرب من خط الاستواء، بين بنما ونيكاراغوا، بعد أن تنقل على اراضي سبع دول عربية 
واجنبية !.
مع هذا الاتصال عادت النسمة التي كانت شاردة من وجداني، فالصديق الحقيقي يفجر مشاعر السعادة والحب التي تسكننا، ويلغي صور العتمة والتعاسة والكره والضيق التي تحوم حولنا، وليس غريباً القول، ان الصداقة تجعل الأمور تبدو بسيطة وسهلة مهما كانت صعبة، وتخفف الآلام والأوجاع إلى أن تتلاشى وتموت، هي ماء الحياة، فلا حياة من دون ماء، فهنيئاً لمن احتفظ بأصدقاء هم اشقاء الروح، شكرا .. شكرا صديقي 
الغائب .