احتفلت شعوب ودول العالم يوم 18 نيسان، باليوم العالمي للتراث وإنقاذ الممتلكات الثقافيَّة في كل أرض, استناداً لقرارات المؤتمر الدولي لمنظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في مؤتمرها الدولي عام
1972.
ونشأ عن هذا القرار الذي احتفت به الجهات الثقافية والآثارية والفنية في الدول المنضوية تحت سقف اليونسكو, قيام الدول ذات التوجهات المتشابهة إثنياً ودينياً بتنفيذ أيام أخرى للثقافة تعينها على تنشيط العمل من أجل ترميم الآثار العامَّة وصيانتها والتنقيب عن الضائع منها ومحاولة الحصول عليه.
لذا أسست منظمة العالم الإسلامي اليوم العالمي للتراث الإسلامي لحفظ الذخائر الإسلاميَّة وصيانتها وترميم المساجد الكبرى وإعمارها, وتسجيل تاريخها وتشكيلات عمارتها تصويراً وبحثاً.
من جهتنا وقبل دخول الدواعش المجرمين الى أرض الرافدين، كان الاهتمام بالمزارات الإسلاميَّة الرئيسة في العراق يتم برعاية الدولة والأوقاف وتبرعات المحسنين بشكلٍ تقليدي يتعلق بصيانة الريازة والتوسعة للمصلين والزائرين وتهيئة مقتربات تعينهم على التعبد والزيارة وتنفيذ الطقوس الدينيَّة في الزيارات.
وجاءت نقمة (داعش) المضللة التي استهدفت أماكن العبادة في كل العراق وليس في الموصل وحدها, لتقيم الدليل واضحاً على حقد هؤلاء على الإيمان كاملاً وكراهيتهم لأماكن عبادة الواحد الأحد, فضلاً عن كراهيتهم لكل مظاهر التقدم الآثاري والعمراني التاريخي في كل منطقة وصلوا إليها.
كان الخلاص من ربقة (داعش) بداية لعملٍ جادٍ من أجل إعادة ترميم وبناء المساجد والكنائس ودور العبادة الأخرى التي طالتها يد الإرهاب الداعشي, وكان العمل المجزي من أجل إعادة بناء هذه المزارات الدينيَّة المهمَّة بل والمقدسة ترميماً للنفس العراقيَّة التي أضرها الدواعش بحقدهم وجسارتهم, ذلك لأنَّ لكل مزار ومسجد طقوسه الخاصة بالزيارة وخصوصاً المزارات المهمة مثل المسجد النوري وجامع قضيب البان والكنائس الموصليَّة وفي القرى الأخرى خارج الموصل والمزارات الايزيديَّة في قرى الموصل وسواها.
اليوم العالمي للتراث مناسبة مرَّتْ, ولكنها تتجسد يومياً بالعمل لا من أجل بناء وترميم المزارات المقدسة المتضررة، بل من أجل الحفاظ عليه بتدوين تاريخها ورسم وتصوير أجزائها واستذكار مناسباتها, ذلك أنَّ هذا التوثيق يعدُّ إكمالاً لبناء الأثر المقدس والحفاظ على ألقه الديني والتاريخي والشعبي.