تقرير الصحة النيابية بفاجعة {ابن الخطيب» يُشخّص {إهمالاً كبيراً»

العراق 2021/04/27
...

 بغداد: محمد الأنصاري وطه حسين
 
قررت رئاسة مجلس النواب، خلال الجلسة الاستثنائية المخصصة لمناقشة فاجعة مستشفى "ابن الخطيب"، أمس الاثنين، إلزام وزارة المالية بتوجيه التخصيصات اللازمة لإكمال المستشفيات النظامية التي وصلت إلى مراحل متقدمة في عموم المحافظات وعدم التحجج بأعذار غير مقبولة، وبينما شخّصت لجنة الصحة والبيئة النيابية في التقرير الذي قدمته خلال الجلسة، وجود "إهمال كبير" بعدة جوانب أدى للفاجعة المؤلمة، نفت العتبة الحسينية المقدسة الأنباء التي تحدثت عن احتراق مركز "الشفاء" المجاور للمستشفى المنكوب، مبينة أن المركز يحتوي منظومة أوكسجين "مركزية".
وأفادت الدائرة الإعلامية للبرلمان، في بيان، بأن النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن كريم الكعبي قال خلال ترؤسه جلسة الأمس: إنه "تم إلزام وزارة المالية بتوجيه التخصيصات اللازمة لإكمال المستشفيات النظامية التي وصلت إلى مراحل متقدمة في عموم المحافظات"، مشدداً على "عدم التحجج بأعذار غير مقبولة".
ودعا الكعبي إلى "إعادة فك ارتباط الدوائر الصحية والتربوية من المحافظات وإعادتها الى وزارة الصحة والتربية".
من جانبه، قال النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، الدكتور بشير الحداد: إن "نتائج التحقيق بحادثة مستشفى ابن الخطيب ستعرض بشكل علني، لاسيما تلك التي أجرتها لجنة الصحة النيابية".
وأضاف الحداد أن "النتائج ستعلن أمام الرأي العام، والتحقيقات ستكون منصفة"، مبيناً أنه "يتابع عمل اللجنة الحكومية التي شكلها رئيس مجلس الوزراء برئاسة وزير الداخلية للاطلاع على عملها ومعرفة نتائج تحقيقها وما ستفضي إليه".
وعدّ الحداد ما جرى في ابن الخطيب "مصابا جللا وكارثة تستدعي منا الوقوف على نوعية الخطط المعدة من قبل الملاكات الصحية وكفاءة موظفيها في هذا القطاع المهم".
وكان مجلس الوزراء، قرر أمس الأول الأحد، إجراء تحقيق بشأن حادثة مستشفى "ابن الخطيب" المأساوية برئاسة وزير الداخلية، وعضوية كل من وزير التخطيط، ووزير العدل، ورئيس هيئة النزاهة، ورئيس ديوان الرقابة المالية الاتحادي، ونصت القرارات أيضاً على أن ينجز التحقيق في حريق المستشفى خلال 5 ايام، على أن تقدم النتائج لمجلس الوزراء مع الإشارة إلى إمكانية الاستعانة بخبراء في مجالي الأمن والصحة.
 
إهمال كبير
في غضون ذلك، حددت لجنة الصحة والبيئة النيابية، أمس الاثنين، وجود "إهمال كبير" بحادث المستشفى.
وقال رئيس اللجنة قتيبة الجبوري: إن "اللجنة باشرت في عملها الرقابي وقامت بزيارة ميدانية للحادث واجتمعت بالمسؤولين عن المستشفى والصيانة وكذلك بوكلاء الوزارة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء".
وأضاف "جمعنا بعض المعلومات من خلال الزيارات الميدانية والمخاطبات الرسمية مع الجهات ذات العلاقة"، مشيراً الى أن "اللجنة قدمت تقريرها خلال جلسة البرلمان، وبينت حيثيات الموضوع، والأسباب التي أدت الى الحادث غير المتعمد والذي أدى الى الفاجعة الكبيرة". 
واكد الجبوري أن "التقصير، وإن كان غير متعمد، ولكن سوف يحاسب المهمل"، مبيناً أن "اللجنة وجدت تقصيراً واضحاً في متابعة الاحتياجات الفعلية لمستشفيات بغداد، وخصوصاً في الرصافة والبالغ عددها 27 مستشفى ومن ضمنها ابن الخطيب". 
وتابع أن "مبنى مستشفى ابن الخطيب متهالك ومخصص للعزل  الصحي لعلاج كورونا، ويضم أكثر من 200 مريض، أما الردهة التي حصل فيها الحادث تضم 32 مريضاً مع وجود كمية هائلة من قناني الأوكسجين"، موضحاً أن "أحد المواطنين استخدم (الهيتر) الكهربائي أو استخدم الزيت مع قناني الأوكسجين وهذا التفاعل أدى الى انفجار كبير، كما أشيع". 
ونوه بأن "هناك إهمالاً كبيراً في وجود عدد كبير من المرافقين للمرضى، وهذا ما تتحمله منظومة الحماية الموجودة في المستشفى"، مبيناً أن "عدد الشهداء هو ضعف المرضى الموجودين، وهذا ما تتحمله جهات الحماية المسؤولة، ولا يتحملها فقط مسؤولو وزارة الصحة".
ولفت الجبوري إلى أن "وزارة المالية أيضاً تتحمل جزءا من المسؤولية، بصفتها قصرت في تخصيص مبالغ الى دائرة صحة الرصافة، والتي جرت المطالبة بها خلال ثلاث سنوات لشراء منظومات إطفاء وحماية للمستشفى، ولكن المالية لم تلب الطلبات". 
وأكد أن "تقرير لجنة الصحة حمل في طياته الجوانب التقصيرية للجهات المقصرة والتي أدت الى هذه الكارثة"، مبيناً أن "القضاء أصدر مذكرة توقيف بحق مدير المستشفى، ولكن اعتقد سيكون هناك انتظار لمدة أربعة أيام لإنهاء التحقيق وعرضه على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وبعده يتحول الى القضاء لاتخاذ الاجراءات"، وأشار الى أن "وزير الداخلية مهني ولا توجد عليه أي ملاحظة من خلال رئاسته للجنة، وبمهنيته العالية سيكون التقرير مهنياً ودقيقاً".
 
حملة كبرى
في موازاة ذلك، ذكرت وزارة الداخلية في بيان، أنه "تنفيذاً لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي خلال جلسة مجلس الوزراء المنعقدة بتاريخ 25/4/2021 وبمتابعة ميدانية من وزير الداخلية عثمان الغانمي، أطلقت مديرية الدفاع المدني حملة كبرى لتنفيذ الكشوفات ومتابعة كشوفات سابقة على جميع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص ومختلف المشاريع في البلاد المتعلقة بمتابعة شروط الوقاية والسلامة فيها".
وأضافت أن "المديرية أعطت الأولوية في المتابعة للمستشفيات والفنادق والمؤسسات المكتظة بالمواطنين، حرصاَ على سلامتهم وتلافياً لوقوع حوادث اخرى مشابهة لفاجعة مستشفى ابن الخطيب".
وأشارت إلى أن "مديرية الدفاع المدني عممت توجيهاً على جميع مديرياتها في بغداد والمحافظات لإيلاء الموضوع أهمية استثنائية، مع اشراك ضباط من المقرات من ذوي الرتب الكبيرة في هذه الحملة، واستنفار جميع الامكانيات لإنجاحها وتطبيقها بالشكل المطلوب، وبمتابعة وزيارات ميدانية من قبل مدير عام الدفاع المدني اللواء كاظم بوهان".
وفي تداعيات الحادث المأساوي، دعت مديرية الدفاع المدني الجهات المختصة الى تعديل قانونها كون عقوباته "غير رادعة".
وقال مدير عام المديرية اللواء كاظم سلمان بوهان لـ"الصباح": إن "المديرية رفعت عدة كتب الى وزير الداخلية والجهات المختصة الأخرى، لتعديل قانون الدفاع المدني ومنحها صلاحيات أوسع، لتتمكن من محاسبة المقصرين والمخالفين لشروط السلامة والأمان التي نص عليها ذلك القانون".
وبين بوهان أن "القانون الحالي لا يمنح الصلاحية الى المديرية بإغلاق الدوائر والشركات العامة والخاصة المخالفة لشروط السلامة والأمان، ويسمح بفرض غرامات مالية بسيطة لا تتعدى المليون دينار على المخالفين، ما دفع العديد من تلك الدوائر والمعامل والشركات الى إهمال شروط السلامة وعدم أخذها بالنظر، برغم الخطورة والخسائر في الأرواح والمعدات التي قد تتعرض لها تلك الأماكن نتيجة لهذا الإهمال".
وذكر بوهان أن "هناك عددا كبيرا من الدوائر والمؤسسات الحكومية ملتزمة بشروط السلامة ولديها ملاكات وفرق متكاملة للدفاع المدني ومدربة وجاهزة لمكافحة الحرائق ومعالجة الحوادث، لاسيما وزارتي النفط والصناعة، في المقابل هناك وزارة الصحة التي لا تلتزم أغلب دوائرها ومؤسساتها بتعليمات السلامة".
وأضاف في السياق نفسه أن "مديرية الدفاع المدني حذرت وزارة الصحة مراراً وتكراراً وطالبتها بضرورة الالتزام بتعليماتها المتعلقة بالسلامة العامة"، مؤكداً "توجيه وزارة الداخلية كتابا بهذا الخصوص الى وزارة الصحة في وقت سابق"، كاشفاً بشأن الحادث الأليم لمستشفى "ابن الخطيب"، عن "تحذير المديرية للوزارة بعد عشر جولات ميدانية، بعدم التزام إدارة المستشفى بتطبيق تلك الإجراءات، وأرسلت كشوفات المخالفات المرصودة بالفعل".
 
العتبة الحسينية تنفي
من جانبها، نفت العتبة الحسينية المقدسة، الأنباء التي تداولتها بعض الصفحات والمواقع عن احتراق دار الشفاء رقم (4) المجاور لمستشفى ابن الخطيب في بغداد .
وقال مدير إعلام العتبة عقيل الشريفي: إن "مركز الشفاء رقم (4) المجاور ل‍مستشفى ابن الخطيب لم تمسه النار مطلقاً أثناء الحريق ولم يكن سبباً في اندلاعه، وإنما حدث الحريق في المباني الحكومية جراء انفجار قنينة غاز أوكسجين بحسب المعلومات الأولية".
مبيناً أن "مركز الشفاء سالم من أي أضرار ويعمل بشكل طبيعي، كونه يعتمد على منظومة أوكسجين مركزية وليس عبر القناني".
وأضاف الشريفي أن "من يعمل بخدمة المجتمع يثير امتعاض بعض الجهات، لأنها تكشف عن سوء إدارتهم للأماكن المسؤولين عن إدارتها، لذلك نترفع عن الرد على هؤلاء المغرضين، فمشاريع العتبة المقدسة هي الرد الأمثل على تخرصات الجهات المغرضة وخاصة دور الشفاء التي تم تشييدها وفق أفضل المعايير العالمية والتي ساهمت بإنقاذ آلاف المصابين بوباء كورونا".
وأشار الى أن "العتبة في طريق إنجاز 21 مركزاً للشفاء موزعة في أنحاء العراق كافة تضم أكثر 3500 سرير، والذي يعد إنجازاً مهماً فاق الكثير من إمكانيات الدول الكبرى التي انهارت فيها المؤسسات الصحية بسبب حجم الاصابات، حيث ساندت العتبة وزارة الصحة وقدمت يد العون ولم تكن بديلاً عن دورها في أداء واجباتها الرسمية".
ولفت إلى أن "العتبة عندما تؤسس مركزاً للشفاء وتقوم ببنائه وتأثيثه وتجهيزه، تسلمه لإدارة الدولة، وبالتالي يقع على عاتق الجهات الحكومية في وزارة الصحة مسؤولية صيانتها وإدامتها كاملة، لأن ذلك خارج عن قدرة العتبة وليس من صلاحياتها القانونية".
وأعرب الشريفي عن استعداد العتبة الحسينية المقدسة الى تقديم الدعم الى المؤسسات الحكومية لمواجهة الجائحة "في حال تم الطلب منا لتوفير المساعدة".
 
مبادرات وتعاز
إلى ذلك، أعلن البنك المركزي العراقي، أمس الاثنين، إطلاق مبادرة من ثلاثة محاور لتخفيف الاضرار التي أصابت ذوي الشهداء والجرحى في حادثة "ابن الخطيب" ولإعادة تأهيل المشفى ودعم جهود الحكومة في معالجة آثار الحادث.
وذكر البنك في بيان، أن "البنك المركزي العراقي والمصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية أطلقت مبادرة من أجل تخفيف الأضرار التي أصابت ذوي الشهداء والجرحى، ولإعادة تأهيل المشفى، ولدعم جهود الحكومة في معالجة آثار هذا الحادث الأليم".
وأوضح البيان، أن "المبادرة تضمنت ثلاثة محاور، أولها تخصيص منحة لذوي شهداء الحادث، وتضمن المحور الثاني، تخصيص منحة لكل جريح من جرحى الحادث، بينما كان المحور الثالث دعم جهود الحكومة في إعادة تأهيل المشفى وفقا لما يتم التنسيق به مع رئيس الوزراء". 
كما عقدت وزارة التجارة، أمس الاثنين، اجتماعاً طارئاً بشأن تقديم مساعدات عاجلة لاسر شهداء وجرحى فاجعة مستشفى "ابن الخطيب".
وفي سلسلة التعازي بالفاجعة، تقدم القائم بأعمال سفارة البحرين لدى العراق خالد أحمد المنصور، بأحر التعازي وصادق المواساة للحكومة العراقية والشعب العراقي وأسر ضحايا حادثة حريق مستشفى "ابن الخطيب" الخاص بمرضى فيروس 
كورونا.
كما تقدم شوقي علام، مفتي الجمهورية في مصر، بالتعزية الى العراق بحادث حريق مستشفى "ابن الخطيب"، ووجّه المفتي خالص العزاء الى العراق، حكومة وشعباً، والى أسر الضحايا، داعيًا الله أن يرحمهم وينزلهم منازل الصالحين، وأن يشفي المصابين شفاءً تامًّا عاجلًا لا يغادر سقمًا، وأن يحفظ العراق من كل شر وسوء.