يحدثُ دائماً

الصفحة الاخيرة 2021/04/28
...

 رضا المحمداوي 
في هذا العام، كما هو الحال مع الأعوام السابقة، وما أنْ يُعلن عن ثبوت الرؤية الشرعية لهلال شهر رمضان، أو تحديد أول أيام رمضان، حتى تنطلق موجة المسلسلات الدرامية والبرامج المتنوعة على القنوات الفضائية العربية، وبضمنها القنوات العراقية، بانطلاقة قوية كاسحة تغير بحركتها واندفاعها جميع قوائم التنسيق التلفزيوني لترسم دورة تلفزيونية خاصة تُعرفُ عادةً بأنها (دورة رمضان). 
وتذهبُ بعض القنوات لتقديم البرامج الغنائية الراقصة والتي يؤخذ عليها أنها لا تتناسب والأجواء الدينية والإيمانية لشهر رمضان الكريم، ودعني أعودُ بذاكرتك صديقي القارئ إلى برنامج (فوازير) الغنائي الراقص الذي قدَّمته كل من الفنانتين (نيللي) و(شريهان) والذي كان يعرض مع موعد الإفطار مباشرة. 
 ترى ما هي العلاقة بين المُسلم الصائم الجالس إلى مائدة الإفطار وبين الاستعراض الغنائي الراقص!؟.
وتتجسدُ مثل هذه المفارقة أو التناقض يومياً طوال ليالي شهر رمضان وفي جميع القنوات الفضائية، اذ نجدُ الآيات القرآنية الكريمة التي تُتلى وتُجوَّدُ في المدة التي تسبق موعد الإفطار وبموعد ثابت تقريباً، اذ تشيع جواً روحانياً ملؤهُ الخشوع والإيمان، وما أنْ ينطلق صوت مدفع الإفطار حتى ينقلبُ البث التلفزيوني رأساً على عقب ليبدأ خطاب إعلامي وفني يمثّلُ بتوجهاتِهِ موقفاً متناقضاً مع ما سبقهُ من بث من حيث الطبيعة والتوجه.  
اما إذا انتقلنا إلى الأعمال الدرامية العامة ومدى استلهامها أو توظيفها لهذه المناسبة الدينية أو استحضارها للمفاهيم والأفكار الإسلامية، فإننا نجدُ ابتعاداً واضحاً وعزوفاً عن الخوض في هذا المضمار، ترافق ذلك ظاهرة غياب الأعمال الدرامية الدينية والتاريخية من شاشة التلفزيون، اذ أصبحتْ هذه الظاهرة في المدة الأخيرة أكثر وضوحاً في دورة رمضان التلفزيونية، وذلك لعدة أسباب، منها ارتفاع تكاليف إنتاج هذه الأعمال وما تتطلبه من مستلزمات مادية ومالية كبيرة ومواصفات فنية، مع ضعف عام أو فتور في الإقبال الجماهيري عليها، ما ترك أثراً في عمليات تسويق وبيع وشراء هذا النمط من الإنتاج الدرامي الذي لم يعدْ متداولاً كما كان قبل سنوات.