قطر والمونديال

الرياضة 2021/04/29
...

علي حنون
عند كُل مناسبة تُضيّفها دولة عربية، تنبري بعض الأصوات سواء بين المعنيين بكرة القدم أو من المحسوبين على المُتابعين لها، بينها من تصدح مدحا وأخرى (تصرخ) قدحا، رافضة مُنتفضة على حسابات واختيارات من بيدهم الأمر، مع أن المُتمعن بشؤون كرة القدم، يعي ومُتيقن أن الحال وواقع الأمر في الاختيار، هو رهينة أسباب أما إدارية أو تنظيمية وقد تكون مالية أو أخرى.
لكن الإجماع، الذي يلتقي عند حدوده الجميع ويعترف بإنصافه البعيد قبل القريب، هو أن إيكال مُهمة تنظيم أي بطولة الى دولة قطر إنما فيه من الحكمة والرؤية السديدة الكثير الكثير، وإنصافا، فان هذه الدولة الصغيرة مساحة أصبحت كبيرة في التنظيم والعطاء، وجلّ العرب يَفخرون بان لكل انجاز يتحقق لقطر فيه لأسماء من أبنائهم بصمة، ذلك أن الدوحة صارت منصة تفاعل يجد فيها كُل من يعتقد بنفسه الكفاءة من أبناء عدنان وقحطان، مساحة مُتاحة لعرض رؤاه وتسويق إبداعه، بعدما ركنت، ومنذ سنوات خلت، دولة قطر، الى فتح أبوابها لاحتضان الأشقاء ليكون لهم سطوة حضور وفواصل نجاح، ولعل مواقفها الايجابية الداعمة للمنظومة الرياضية العراقية، فيها عديد البراهين الساندة لما نذهب إليه.
ويقينا، فان سهام سردنا لمكانة هذه الدولة الشقيقة، لن تضل أهدافها، لان ما نَنشد التأكيد عليه هنا هو أن قطر بلغت مرحلة من التطور في مجالات مُختلفة ولعل في طليعتها المنظومة الرياضة، التي راهنت فيها الدوحة على استثمار الإمكانات المالية والبشرية والتقنية لبلوغ شواطئ التفوق وكان لها ما أرادت من خلال اتباع خطوات احترافية تصاعدية امتزجت فيها ألوان الإبداع، ونتج عنها حلقات تميّز في العمل الاحترافي، حوّلت من خلاله الرؤية الافتراضية لرحلة السعي، الى واقع مادي تلمسه الجميع، بعدما أحسنت الاستعانة بالخبراء وأهل الشأن مع توفير الأجواء المثالية للتخطيط والعمل وبالتالي، أضحى الجميع يُراهن على نجاحها عندما يقف مُؤشر اختيار تنظيم أي فعالية باتجاهها.
ولم يكن غريبا أن يتم اعتماد ملف الدوحة لتنظيم كأس العالم 2022، ذلك أن النجاحات المُستدامة لها في محطات سابقة أشرت قدرة هذه الدولة على التميّز، وبدورها استنفرت قطر، قدراتها للإتيان بعديد إثباتات التفوق تُؤكد أهليتها في التصدي لمهمة تنظيم المونديال القادم، وهي لأجل ذلك تستضيف نهاية العام الجاري بطولة كأس العرب بمشاركة 23 دولة، لتكون بروفة واقعية تقف الدوحة من خلال أحداثها، على حقيقة إمكاناتها وتحضيراتها للمونديال، عبر تحديد مواطن الخلل في أداء أي مفصل والعمل السريع لتجاوزه مع تعضيد وتعزيز حلقات الأداء الايجابي.. ويَقينا أن الجهات المعنية في الدوحة لم تقف عند ذلك، وإنما فتحت عديد النوافذ للتواصل والتشاور والتسويق للطروحات والأفكار، تأهبا لاحتضان (العرس) العالمي، الذي سيشهد، وتأسيسا على المُعطيات المُتوفرة، نجاحا باهرا، لدولة ربما ستستقبل أعدادا من الضيوف والجماهير من مُختلف أرجاء المعمورة، ما يفوق عدد سكانها.