موضة الرئيس الفخري..

الرياضة 2021/05/05
...

خالد جاسم
 

*تمارس أنديتنا الرياضية على اختلاف درجات شهرتها ومكانتها وموقعها من الأعراب في قاموس رياضتنا المشبع بالكلمات المتقاطعة فوق ما يحضر من خلافات وصراعات وتقاطعات على أرض الواقع الرياضي الهش، ما أطلق عليه بالنفاق والتملق الصريح للمسؤولين وغير المسؤولين أيضا، عبر موضة هي ليست بالجديدة على مشهدنا الرياضي، ولكن توقعنا موتها مع مغادرة مجتمعنا حقبة مضت كانت فيها الأندية أرضا مشاعة للمسؤولين ورجال الحمايات والوزراء ووكلائهم ومدرائهم العامين، وإذ كانت الرياضة شبه مسيسة وتحرص الدولة على إدامة ارتباطها بحلقات المسؤولين الكبار كجزء من سياسة السيطرة على المنظومة الرياضة وتحصينها والاطمئنان على عدم انحرافها في مسارات أو قنوات لا تخدم الدولة وجهدها الرئيسي، في ظل استمرار مسلسل الحروب والحصار والمقاطعة الدولية وكل ما ترتبت عليه من سياسات كانت تهدف الى تجييش المجتمع وعسكرته بمن في ذلك المجتمع الرياضي لأجل مواجهة الأعداء والمتآمرين من كل حدب وصوب, سواء كان هؤلاء الأعداء حقيقيين أو وهميين أو من اختلاق أهل السياسة لأجل إبقاء المجتمع في حالة من العسكرة والاستعداد النفسي لمواجهة أسوأ الاحتمالات . هذه الموضة هي موضة الرئيس الفخري التي تكاثرت وتوسعت منذ ما بعد التغيير الذي أصاب البلد في عام 2003 بعد أن توقعنا أن هذا التغيير سيطيح بالعديد من المظاهر والحالات التي كانت تشكل قيودا حقيقية وأعباء إضافية تضر بالرياضة والرياضيين أكثر من مفرداتها الإيجابية القليلة، لكن رياضتنا ابتليت بذات الأمراض المزمنة القديمة، مع أمراض جديدة نتيجة الفوضى، والافتقاد الى القوانين واللوائح التي تنظم عملنا الرياضي وتضع العلامات الفارقة والحدود الواضحة لتداخل السلطات الرياضية، بما في ذلك سلطات إدارات الأندية الرياضية التي سيطرت عليها، وفي الكثير من الأندية إدارات تفتقر الى الكفاءة والخبرة الادارية المطلوبة حتى مع حضور بعض الأسماء الرياضية التي تدير مفاصل عمل الأندية هنا أو هناك، لكن النجومية في اللعب أو التدريب شيء والمقدرة الادارية وتوفر روح القيادة الحقيقية شيء اخر بالطبع .. ومن هنا ونتيجة الافتقاد الى القوانين واللوائح التي تنظم عمل الأندية وضياعها أصلا بين مرجعيات هشة من الناحيتين الادارية والمالية، صار من الطبيعي أن نشاهد ذلك التخبط لدى بعض الادارات التي تبحث عن الدعم المالي الذي يديم دوران عجلة أنشطتها الرياضية, وهذا التخبط دفعها الى الارتماء في أحضان السياسيين والمسؤولين الحكوميين تحقيقا للغاية والهدف الأساس المتمثل بالحصول على الدعم المالي .. ولم يقتصر الحال على الأندية في هذا الجانب، بل امتد ليشمل ما يطلق عليه الروابط التي تكاثرت كذلك بشكل طحلبي وصارت تنتهج سلوك الأندية في البحث بين وقت واخر عن رؤساء فخريين لها تكاد تنحصر رئاستهم في دفع وتسديد فواتير المال الخاصة بتلك الروابط , ولا شك في أن ادارات الاندية ربما تكون معذورة في انتهاج هذا الطريق أو ذاك الأسلوب في ظل تلظيها تحت شمس المعاناة ومع غياب الدعم المالي الحقيقي, لكن هذا الأسلوب المتمثل باللهاث وراء السياسيين سواء من إدارات الروابط أو الأندية له مخاطره واثاره السلبية أيضا، وتتمثل في الخشية من تسييس الرياضة وتحويلها الى أدوات تخدم أغراض الساسة والأحزاب السياسية على اختلاف ألوانها ومناهجها وأهدافها، وهو أمر لا يتمناه الرياضيون بكل تأكيد مع أننا نسعد حقا إذا جذبنا أهل السياسة إلى الرياضة، ولكن وفق معايير وضوابط محددة بحيث لا يصبح خطب ود المسؤولين والسياسيين من قبل إدارات الأندية الرياضية وبالا حقيقيا على رياضتنا، حتى لو اقتصر دور المسؤولين والساسة على الرئاسة الفخرية للأندية ومعظم تلك الروابط الغريبة والعجيبة، التي كثيرا ما أخفقت بعض إداراتها في كيفية استثمار أو استغلال الرئاسة الفخرية لأنديتها، بدليل أن بعض الأندية أبدلت رؤساءها الفخريين كما أبدلت مدربي فرقها الكروية نتيجة افتقار تلك الأندية الى الادارات التي تعرف من أين تؤكل كتف المسؤول أو السياسي، لا سيما قبل الموالد الانتخابية، كما لا تعرف الكيفية التي تحول دون أن تؤكل أكتافها من قبل السياسي أو المسؤول .