دعاء الصاروخ المنفلت

الصفحة الاخيرة 2021/05/10
...

عبد الهادي مهودر
الصاروخ الصيني الذي أضاع مداره أثار موجة من الهلع والتوقعات والسخرية، وورد في الأنباء أن الصاروخ خرج عن السيطرة الالكترونية ويدور حول الأرض مرة واحدة كل 89 دقيقة، وتوقع مركز الفلك الدولي، ومقره في دبي، سقوط الصاروخ الصيني مطلع هذا الاسبوع لكنه قلل من أهمية الحدث ووصف سقوط الصواريخ الفضائية بالعادي والمتكرر، إلا أن ما يميزه هذه المرة أن القطعة التائهة أكبر من المعدل المعتاد، إذ يبلغ طوله 33 مترا وقطره 5 امتار ووزنه 21 طناً.
وعالميا، جاء الخبر في ذروة الخصام الاميركي الصيني وتم تضخيم الحدث على الرغم من أنه ليس الأول ولن يكون الأخير، واعلنت قيادة الفضاء الأميركية أنها ترصد بقلق حطام الصاروخ الصيني، وأعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة جاهزة لاعتراض الصاروخ قبل سقوطه، ولو كان دونالد ترامب رئيساً لصبَّ جام غضبه على الصين التي يتهمها بتصدير فيروس كورونا الى العالم ويصفه بالفيروس الصيني، فكيف إذا مر الصاروخ من فوق  رأسه؟، لقد دفع الله ما كان أعظم بفوز جو بايدن الذي يغض الطرف عن الصواريخ التائهة ويحملها على سبعين محملا.
وعراقياً، سارعَ راصدنا الجوي الى الإعلان عن مرور حطام الصاروخ الصيني من فوق الاراضي العراقية، أي مثل ضربة جزاء مرت من فوق العارضة والحمد لله رب العالمين، وكعادته ينبئنا الراصد الجوي صادق عطية بالعواصف والرياح والامطار الغزيرة والزلازل والويل والثبور، وكعادتنا لا نهتم ولا تهزنا ريح ولا تفزعنا الصواريخ التائهات ولا العابرة للقارات، وبشَرَنا هذه المرة بمرور حطام الصاروخ الصيني (لونغ مارش 5 ب) من فوق رؤوسنا ولم نسمع له دويا، ودوماً يكشف لنا عطية مشكوراً، عن مرور الكثير من المصائب والأهوال من فوقنا ومن تحتنا ونحن لا ندري.
وعربياً، استغل المواطنون الفرصة للانتقام من اعدائهم بالدعاء، فالكثير من الناشطين المصريين تمنّوا لو يسقط  الصاروخ الصيني فوق سد النهضة الذي بنته اثيوبيا على نهر النيل ويدمره تدميرا، لكن أحد المتخصصين المصريين استغرب من كمية ( الهبَل)، وتمنى الكثير من الفلسطينيين سقوطه على العدو الاسرائيلي فيجعله كعصفٍ مأكول، والدعاء على الأعداء تواصلَ بلا هوادة وملأ الفضاء والعالم الافتراضي، وعلى بركة الله أطلقنا كعرب عدة دفعات من صواريخ الدعاء المنفلت في أمة لا تملك غير الدعاء وسلاحها الغناء ومفاعلها (ذا فويس).