حب ناباكوف الأبدي الذي أنقذ رواية (لوليتا) من الضياع

ثقافة 2021/05/12
...

  محمد تركي النصار
 
فلاديمير ناباكوف (1899– 1977) صاحب ما توصف بالرواية الملعونة «لوليتا»،.. روائي روسي الاصل اميركي الجنسية، عاش في انكلترا وفرنسا فترة من الزمن غالبا ما توصف كتاباته بالمعقدة، خاصة في طريقة استخدامه للغة وتعدد مصادر ابداعه.
 مارس ناباكوف منذ ظهور أول مجموعة شعرية له عام 1916، وعلى مدى ربع قرن كتابة القصة والشعر والرواية، والمسرحية والمقالة والنقد الأدبي، باللغتين الروسية والإنكليزية وكتب بالفرنسية أيضا، تاركا بصمات واضحة على الثقافة العالمية، في القرن العشرين. وخلف ناباكوف ثماني روايات باللغة الروسية، والعديد باللغة الإنكليزية، حملت كل مجموعة خصائصها، وربطتها وشائج خفية، هي رؤية الكاتب وفلسفته في الأدب والحياة.
كتب فلاديمير ناباكوف قصيدة (اللقاء) بعد لقائه بالمرأة التي ستصبح زوجته لأكثر من خمسين عاما.
في شهر مايس من عام 1923 أقيمت حفلة تنكرية للمهاجرين التقى فيها شاب وشابة روسيان وتبادلا بعض الأفكار والانطباعات عن برلين وربما أيضا عن قناع المهرج الذي كانت ترتديه قبل أن يودعا بعضهما في نهاية ذلك المساء.
لامفاجآت حتى الآن، لكن اللقاء كان حاسما في حياة فلاديمير ناباكوف وفيرا سلونم، اللذين كانا يبلغان من العمر أربعة وعشرين عاما وواحدا وعشرين عاما بالتتابع.
كان الشاب فلاديمير يمر بظروف صعبة بعد وفاة والده وتحطم علاقته العاطفية الاولى، وربما يكون سبب تبدد الظلام في القصيدة هو ظهور الفتاة الغريبة المقنعة إذ قامت بانشاد قصيدة لناباكوف من ذاكرتها كانت قد نشرت قبل بضعة أشهر في جريدة روسية تقدمية آنذاك وأعجبت بها الفتاة.
لايمكن الحديث عن حب حتى تلك اللحظة، لا حب نقي ولا حب ميل بالانجذاب الجنسي.
يخلق ناباكوف في هذه القصيدة قطعة مصغرة لايوثق فيها لقاءه مع فيرا فحسب لكنه أيضا يقدم ابداعا يشبه دعوة غريب من كوكب آخر يقول، لقد جئت مسالما، واعيا بالعنف (الذي زرع الخوف الى حد كبير، ولايمكن الفرار منه)، وهذه الايحاءات تبين المشاعر العاطفية تجاه الاخر: الحب، الرغبة، والفضول البسيط التي لم يتم اطلاقها بوصفها اجتياحا أو اكتشافا أو تحديا أو خلافا، وفي الصورة الأخيرة، يثق الشاب فلاديمير في حركة الثورة (انذاك) متحدثا عن أمله كذلك بأن يعرف الفتاة التي ترتدي قناع الحفلة التنكرية.
نتيجة اللقاء ستكون زواج ناباكوف وحبيبته بعد شهرين ليعيشا معا لنصف قرن إذ لم يفرق بينهما سوى الموت، ولقد قيل بأن (فيرا) وضعت يديها في النار، بالمعنى الحرفي للكلمة، عندما، في ظهيرة ربيعية مشمسة رمى فلاديمير مسودة (لوليتا) في الفحم، ولم تكن تلك هي المرة الاولى التي تنقذ فيها فيرا حياته بكل تأكيد:
 
اللقاء
مفتون بهذا القرب الغريب
اشتياق، سحر، غموض
كأنها كلها نابعة من الظلام المتأرجح
للحفلة التنكرية الهادئة
التي جئتها، ماشية على الجسر المعتم
وقد تدفق الليل
وطفا الصمت
هناك على الجداول الصقيلة،
حيث قناع الذئب الأسود
وشفتاك الرقيقتان
تحت شجرة الكستناء
على طول القناة عندما كنت تمشين.
ما الذي جذب قلبي اليك
وكيف أغويتني..
في رقتك، تلك اللحظة
وفي مشهد المغادرة
عشت مشوشا، آملا بلقاءات اخرى حتمية.
........
هل هي العذوبة الرومانتيكية
ماجعلك تفهمين
سبب ارتعاش السهم في قصيدتي؟
.......
اشتياق، سحر وفرح
مثل دعاء مستمر..
هكذا على قلبي أن يواصل رحلته
اذا كتب أن تكوني أنت قدري.