مفارقة الحياة.. مسؤولية الدولة أم اهمال المواطن؟

العراق 2021/05/19
...

 بغداد: هدى العزاوي
 الموت سهل الوقوعِ في العراق، وتكاد ظاهرة الوفيات باسبابها المختلفة تبدو فوق المعدل او أكثر من جميع الدول الاخرى سواء جاء الأمر لسوء في الصحة أو للافتقار إلى قواعد وثقافة التحذير، مع غياب غير حضاري لقوانين السلامة العامة. 
 
يبدو ان مفارقة الحياة أضحت حدثاً عادياً لدى بعض الأفراد من المجتمع ومتغلغلاً في مجريات يومهم الى درجة الاعتياد، في حين ينبغي أن يدفع حب الحياة إلى التمسك بها، فنلحظ أن هناك من يعالج ضيقه وتململه من الأعياد باللجوء إلى المقابر، وكأن لا طاقة به على الفرح، ويُلاحظ أيضاً أن الزهد في الحياة يدفع نسبة من المواطنين إلى عدم التقيد بإجراءات السلامة وإهمال الشروط الصحية، في موازاة إهمال حكومي في توعية وحماية المواطنين تؤكده الإحصائيات التي تحصلت عليها "الصباح" من المصادر الرسمية، وإذ تؤكد الاحصائيات تزايداً في نسبة الوفيات جراء الحوادث المرورية والحرائق، تبرز جرائم القتل العمد والانتحار لترعبنا بارقامها المرتفعة وتجعل السؤال الاهم: من يتحمل مسؤولية ما يحدث؟.. بلا اجابة قاطعة.
واحدة من اكثر اسباب الموت هي الحوادث المرورية التي تتطلب من الدولة الانتباه اليها والعمل على الحد منها لا أن تلقي باللائمة على المواطن نفسه، فقد عزا مدير المرور العامة اللواء الحقوقي طارق اسماعيل حسين الربيعي، في حديث لـ"الصباح"، اسباب الحوادث على الطرقات إلى إهمال المواطنين بنسبة 70 % من خلال استخدام الهواتف النقالة أثناء القيادة والاجتياز الخاطئ والسرعة التي تتجاوز 200 كيلومتر في الساعة، مبيناً أن النسبة المتبقية، 30 %، تتحملها الحكومة التي أهملت إدامة الطرق فضلاً عن عدم وضع الإرشادات المرورية وضعف أو  انعدام وجود الاضاءة للشوارع، وعدم وجود الأسيجة الأمنية في الطرق الخارجية بما يؤدي الى حوادث مميتة نتيجة عبور الحيوانات.
وأضاف الربيعي أن العام الماضي 2020 شهد تسجيل 8136 حادثاً مرورياً على مستوى العراق تسببت بوفاة 2152 شخصاً، وأقرّ بأنه رقم كبير جدا، موضحاً أن الأسباب المباشرة للحوادث، التي كانت أغلبها في الطرق الخارجية "طريق بغداد اليوسفية"، و"بغداد البصرة"، هي استخدام الهواتف النقالة من قبل سائقي التريلات وإهمال السائقين لصيانة مركباتهم ولإجراءات السلامة.
وناشد، من خلال "الصباح"، جميع سائقي المركبات بتوخي الحذر والالتزام بجميع اجراءات السلامة التي تقيهم من فقدان حياتهم أو تعريض حياة الآخرين للخطر.
بدوره، قال مدير عام الدفاع المدني، اللواء كاظم بوهان، لـ"الصباح": إن احصائيات حوادث الحريق للاشهر الأربعة الماضية بلغت (7688) توزعت في القطاع الحكومي والمختلط والخاص. 
وأوضح بوهان أن شهر كانون الثاني شهد (1902) من الحرائق وشباط ( 2065)، واذار (1849) أما شهر نسيان فسجل ( 1872) حريقاً، من (94) دائرة حكومية و(4) معامل و( 5 ) مخازن و( 24) وسيلة نقل، و(283) حريقاً لمحولات واسلاك كهربائية و( 8) مستشفيات و( 36) كرفانا.
وأشار إلى أن اسباب الحرائق توزعت بين التماس الكهربائي واهمال شروط السلامة المهنية الصادرة من مديرية الدفاع المدني.
الحصيلة الأكبر لاحصائيات الموت، سجلتها وكالة شؤون الشرطة في وزارة الداخلية في جميع المحافظات خلال الأشهر الأربعة الماضية من العام الحالي فكانت (618) حالة للقتل العمد، و(977) الشروع بالقتل، و(614) الانتحار والايذاء العمد 27214 حالة.
واوضح مدير قسم العلاقات والاعلام في الوكالة، العميد غسان عبد الرحمن، في حديث لـ"الصباح"، أن الوكالة تسعى من خلال دوائرها الاختصاصية ومديريات شرطة المحافظات وبمتابعة شخصية من قبل وكيل الوزارة لشؤون الشرطة إلى الحد والقضاء على جميع الظواهر السلبية والجرائم المرتكبة من خلال ملاحقة العصابات الاجرامية والخارجين عن القانون بغية القبض عليهم واحالتهم للقضاء، مبيناً أن هذه الجهود تأتي نتيجة عمل يومي على مدار 24 ساعة من قبل ضباط ومراتب اكفاء في هذا المجال، وكذلك الاستمرار بالتوعية للمواطنين من خلال البوسترات التوعوية  والزيارات الميدانية للوقاية والحد منها.
ولم تستطع "الصباح" الحصول على اعداد الوفيات بالصعقات الكهربائية نتيجة الإهمال في تأمين الأسلاك الكهربائية سواء داخل المنازل أو المحال التجارية والمؤسسات بسبب غياب الاحصائيات الرسمية، بالاضافة الى الوفيات التي تنجم عن عدم التقيد بإجراءات السلامة والصحة مثل وضع مصادر الوقود في أماكن غير مناسبة وإهمال الشروط الصحية للوقاية من الأمراض والأوبئة، ولجوء نسبة يعتد بها من المواطنين إلى عيادات الممرضين للحصول على علاج لأمراض تحتاج إلى رأي طبيب مختص، أو أخذ علاج من الصيدليات الأهلية من دون استشارة طبية. وسواها من الأسباب التي تودي إلى زيادة نسب الموت، في بلد لم يخرج من الحروب الخارجية إلا ليدخل في حرب مع الإرهاب، وبالكاد تخلص من المفخخات ليصطدم بالدكات العشائرية واطلاق النار العشوائي والسلاح المنفلت.