برلماني تكنوقراط

الصفحة الاخيرة 2021/05/27
...

حسن العاني 
الخميس الأول من كل شهر، هو موعد اللقاء الدوري الذي اتفقنا عليه نحن مجموعة أصدقاء تربطنا علاقات قديمة، واحلى ما في هذا اللقاء، ان المواضيع فيه مفتوحة على مصاريعها، ولكن الاحلى، ان من بين الحضور صديقاً بعنوان (نائب في البرلمان)، يستقبلنا في بيته دائماً، وبالطبع لو كان لقاؤنا في بيت آخر، لما حظينا بذلك العشاء الفاخر والعصائر الأجنبية والحلويات المستوردة!.
الحق، ان هذا الصديق الجميل، زيادة على سخائه المفرط، يتحلى بروح ديمقراطية ورحابة صدر نادرة، ويعد مثالاً للبرلماني التكنوقراط لما يتمتع به من دهاء وذكاء وخيال واسع، وثقافة موسوعية، ولم يحصل في يوم من الأيام أن احرجه احد منا في حوار او ملاحظة، مع اننا نمتلك أطنان الملاحظات على التقصير الحكومي والأداء البرلماني!. 
في احد اللقاءات وكنت مسكوناً بفكرة ترشيق أعضاء البرلمان الى 21 عضواً فقط، طرحت عليه هذه الفكرة وقلت له : ان عدد البرلمانيين الحالي هو (325) عضواً، ولو قمنا بتقليص العدد الى (21) عضواً، فسوف تعود الى خزينة الدولة مستحقات (304) نواب، ولو افترضنا ان مردودات النائب الشهرية من الرواتب والايفادات والمخصصات تصل الى (20) مليون دينار، فان مردود الخزينة سيكون اكثر من (6) مليارات دينار شهرياً، او ما يزيد على (72) مليار دينار سنوياً، وسألني صديقي النائب بهدوء : لماذا (21) نائباً ؟، فأجبته : لدينا (18) محافظة ننتخب عن كل محافظة نائباً واحداً يمثلها باستثناء (بغداد والموصل والبصرة)، التي يمثل كل واحدة منها نائبان، وبذلك يصبح العدد (21) نائباً، وبالهدوء ذاته قال لي: هذا التقليص لن يوفر لخزينة الدولة ديناراً 
واحداً!.
استغربنا جميعاً، حتى اذا هدأت العاصفة قال : يا جماعة، اذا كان عدد نواب واسط مثلاً (15) نائباً ومجموع رواتبهم (300) مليون دينار شهرياً، فان نائب واسط سيتقاضى وحده (300) مليون دينار، لان البرلمان الجديد المؤلف من (21) عضواً سيصوت بالاجماع على تعديل رواتب النواب ومخصصاتهم وامتيازاتهم وايفاداتهم، الحقيقة افحمنا الرجل، ولم نستطع محاججته، لأنه اعرف منا بالبرلمان العراقي، وأساليب عمله المعلنة والخفية!.