ياسر المتولي
هل نجحت وزارة الزراعة في سياستها الزراعية؟ للإجابة عن هذا السؤال لا بدَّ من توفر مؤشرات يمكن الاستدلال بها الى حقيقة النجاح او الفشل.
المؤشرالاساسي والمهم هو (الاكتفاء الذاتي)، فهل حققت الوزارة هذا الهدف فعليا؟. ابتداءً لا بد من تعريف دقيق للاكتفاء الذاتي وفقاً لمنطوق النظريات الاقتصادية، فهو يعني توفر الانتاج بما يسد حاجة المستهلك (المواطن). وأعتقد أن المستهلك يتلمس ولأول مرة منذ التغيير ولغاية هذه اللحظة توفر العشرات من المحاصيل الزراعية المحلية، ولكن لفترات محدودة ومن ثم تختفي. وسبب اختفائها هو نهاية موسم زراعتها وهي تمر بمرحلتين اساسيتين، هما ذروة الانتاج ووفرته بكثافة ومرحلة الشحة اي انتهاء موسمها.
لذلك تجد أن الكثير من التصريحات تتعالى لانتقاد اختفاء محصول بعينه وكأنَّ الارض تنتجه على مدار السنة، وهذا ما يتحول الى جدل بين النجاح والفشل ويتخذه البعض لعرض معلوماته غير الدقيقة عن الموسم الزراعي وشروطه ومتطلباته.
لذلك فمعيار الاكتفاء الذاتي يفهم اقتصادياً بأنه مرحلي اي موسمي وليس دائميا، عليه نتمنى ان يكون انتقاد اداء الوزارة من قبل البعض بناءً ودقيقا ومبنيا على اسس علمية تتعلق بالنظام الزراعي في حال عدم توفر المحصول أو شحه، وهذا ليس دفاعاً عن الوزارة انما لتوضيح جانب مهم من اداء السياسة الزراعية.
حين تتوفر لديك فرصة التسوق في اسواق الخضار وما اكثرها هذه الايام بسبب الحظر الصحي، تجد ما تحتاجه من المنتج العراقي خلال موسمه وبأسعار مناسبة جداً ويسد طلب المستهلك وهذا مؤشر لنجاح السياسة الزراعية. وللحقيقة فقد حققت الوزارة اكتفاءً ذاتياً في العديد من المحاصيل والخضار وحتى بعض الفواكه، خصوصاً المحاصيل الستراتيجية كالحنطة والشعير والذرة وكذلك الطماطم والخيار والبطاطا، وغيرها من الخضروات الاخرى التي لا يمكن ذكرها هنا لضيق مساحة النشر. وهنا لا بد ان نقف عند مفصل مهم يحافظ على المنتج المحلي في الاسواق اطول فترة وينصف المزارع "المنتج"، حيث يتطلب الامر وجود مخازن كبرى مبردة تستوعب فائض الحاجة المحلية لمرحلة مقبلة يكون الانتاج وقتها محدودا، وبذلك نضمن استقرار العرض للمنتج المحلي لفترات اطول تغنينا عن الاستيراد وسلبياته الاقتصادية. ومؤشر النجاح في تحقيق الاكتفاء الذاتي يعود الى سببين رئيسين أوله انسجام الفريق الوزاري، الذي يقود الملف الزراعي وتخصصهم في المجال الزراعي من اعلى الهرم الى اسفل القمة، والعامل الثاني السياسة الحمائية التي انتهجتها الوزارة في حماية المنتج المحلي كانت هي السبب في تحقيق هذا النجاح.
واجزم من أن تصدير المنتجات الزراعية يسهم في إعادة التوازن في الميزان التجاري العراقي، الذي تميل كفته لصالح الاستيراد للاسف في حين لدينا أرض معطاء وسواعد عالية الجودة، ومياه وفيرة ونحتاج الى دعم السياسة الزراعية المنتهجة حالياً، ولنا عودة الى الشأن الزراعي لأننا تحدثنا عن مفصل واحد هو النباتي، بينما هناك مفصل آخر لا يقل أهمية، بل مكمل للزراعة الناجحة الا وهو جانب الثروة الحيوانية.