تعليق المعلّق

الصفحة الاخيرة 2021/05/31
...

عبد الهادي مهودر
اكثر ما تحتاج اليه مدينة بغداد هو قطاع نقل متطور ومريح لكن هذا الحلم لم يتحقق، وبقيت العاصمة الحبيبة بلا مترو تحت الارض ولا قطار معلق في الهواء الطلق، وحسناً فعل السيد وزير النقل حين اعلن قبل ايام عن تعليق العمل بمشروع القطار المعلّق، وانا وكل الشعب العراقي الحالم بغدٍ افضل قضينا العمر على امل أن نفتح عيوننا على مدن لائقة ووسائل نقل محترمة مثل بقية خلق الله الذين نظمت القطارات والحافلات حياتهم بالدقيقة والثانية، واجمل المدن اليوم هي مدن المترو والقطارات السريعة التي تختصر الزمن، واسوأها تلك التي مازال اطفالها يرشقون القطار بالحجارة كلما مر من ديارهم وكأنه عدو مبين، ويحدث وانت تصعد القطار وتغني «مرينا بيكم حمد» أن يستقبلك اطفال حمد بالحجارة وانت بقطار الليل. 
شكراً للسيد الوزير لأنه واجه الناس بالحقيقة وبالإمكانات التي لا تسمح حالياً بإنشاء قطار طائر، واضم صوتي معه ومع كل مسؤول واقعي وصريح، وانا ضد كل مسؤول يكثر من الوعود ويحاول اقناعنا بأن الفيل يمكن أن يطير، ولو راجعنا تصريحات الوزراء والمسؤولين السابقين لرأينا قائمة طويلة من الوعود الحالمة التي لم تر النور، وكان على البرلمان أن يطالبهم بتقديم اعتذار للشعب العراقي الذي منحهم فرصة كافية لتحقيق تلك الوعود والأحلام، وكم نتمنى لو يراجع كل وزير قائمة الأحلام المعلنة ويلغيها دفعة واحدة أو يحولها الى منجز ملموس ان استطاع اليه سبيلا، فمطالب هذا الشعب التي بدأت سهلة تراكمت واصبحت صعبة المنال في ضوء تزايد عدد السكان والطفرة في تحديث وسائل النقل، وفي الوقت الذي استخدمت الدول المتحضرة قطار الرصاصة ما زالت قطاراتنا تسير بسرعات لا تلائم حاجات هذا العصر، وطموحاتنا تتوقف أمام جدار الامكانات والتخصيصات، ومدننا التي كنا نحلم أن تكون مثل لندن وباريس، اصبحت تشبه مدن الهند وباكستان وبنغلاديش، ونصحو اليوم على صوت التكتك والدراجات النارية وعلى دهشة السير عكس الاتجاه وازدحام الطرق، وحتى ذلك اليوم الذي قد ينطلق فيه مشروع القطار المعلق ستبقى قلوب اطفالنا معلّقة بحب التكتك ويواصلون رشق القطار بالحجارة ويسابقون السيارات بدراجاتهم النارية وهم مطمئنون بأن بابا لا يسرع بسبب الازدحامات.