محمد شريف أبو ميسم
المصارف المتخصصة عادة ما تكون مملوكة للدولة، لأنها معنية بتمويل المشاريع التنموية بقروض غالبا ما تكون متوسطة أو طويلة الأجل بهدف دعم عملية التنمية واستدامتها، وهذا الدور لا يتولاه القطاع الخاص الباحث دوما عن الربح السريع، اذ تمتنع المصارف التجارية عن تمويل النشاطات الاقتصادية التي تتميز ببطء دورة رأس المال فيها، كالقطاعات الزراعية والصناعية والانشاءات وعلى هذا الأساس فإن المصارف المتخصصة، لا تظهر الا في نظام اقتصاد الدولة، بينما يترك لصناديق التبرعات والمساعدات عملية دعم المشاريع التنموية في النظم الرأسمالية، والتي تمول أحيانا من الموازنة العامة كما في الصناديق المعنية بدعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، لضمان ديمومة فرص العمل ودوران حركة السوق ودعم التبادلات والتداولات.
وكذلك دعم القطاع الزراعي لضمان تحقيق الأمن الغذائي وتجنب المساس بسيادة الدولة في حال تعرضها لحصار سياسي أو اقتصادي أو تعرض طرق التجارة الدولية لما يتسبب بتغيير مساراتها أو ايقاف العمل بها جراء الحروب والكوارث لا سمح الله، ومن بين أهم هذه المصارف {المصرف الزراعي، المصرف الصناعي والمصرف العقاري}.
الآن ونحن ننتقل كليا نحو نظام اقتصاد السوق الرأسمالي، بموجب ما ورد في الورقة البيضاء، فإن المصارف المتخصصة التي ما زالت عاملة في الساحة المصرفية مرشحة لاعادة الهيكلة ليحل محلها الصناديق، كما هو شأن صندوق الاسكان الذي يحل محل المصرف العقاري شيئا فشيئا، وصندوق الاقراض الزراعي الميسر الذي سيتولى دعم صغار الفلاحين والمزارعين، وكذلك صناديق دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والقروض، التي تقدمها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فضلا عن القروض القصيرة الأمد التي تقدمها المصارف التجارية بموجب مبادرة البنك المركزي لدعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر.
ما يعني أن ثمة متغيرا سيطيل المصارف المتخصصة، وبالتالي من الضرورة بمكان أن يتم توظيف خبرات الموظفين العاملين في هذه المصارف للعمل في الصناديق الرديفة لها، ولنأخذ الأعداد الهائلة من المهندسين الزراعيين العاملين في المصرف الزراعي، اذ يمكن لهؤلاء المهندسين العارفين بخبايا دورة رأس المال في القطاع الزراعي، وبمخاطر الائتمان الزراعي وأسراره، أن يكونوا اضافة نوعية لصندوق الاقراض الزراعي الميسر في وزارة الزراعة، ومن الخطأ إهمال هذه الملاكات، بعد الكلف العالية التي انفقت على تدريبها وتأهيلها على مدار سنوات تراكمت فيها الخبرات وصقلت فيها الكفاءات.