نجاحات باهرة

الصفحة الاخيرة 2021/06/01
...

حسن العاني 
بيني وبينه فاصلة عقدين من الزمن، لم تقف حائلاً بين قيام صداقة نبيلة قوامها الاحترام والصدق والمحبة، أشهد - وأنا اتابعه عن قرب - انه شاب مؤهل لدخول الصحافة باقتدار، انه يحسن اقتناص الخبر ويقرأ ما وراءه، وقبل ذلك هو قارئ جيد ومثقف موسوعي وقلم انيق و.. ومع ذلك لم يحظ بفرصة عمل في الميدان الذي يعشقه، وهو عالم الصحافة .
باختصار لكثير من الاحداث والتفاصيل، كنت وراء حصوله على تلك الفرصة عبر صديق من أبناء جيلي يشغل منصب رئيس تحرير لاحدى صحف القطاع الخاص، إذ تولى تعيينه على وفق نظام المكافأة المقطوعة وبراتب سخي، ولم يمض شهران حتى قام رئيس التحرير باسناد مسؤولية الصفحة السياسية اليه بعد اعتذار مسؤول الصفحة عن مواصلة عمله لحصوله على (وظيفة حكومية) يصعب التوفيق بينها وبين عمله الصحفي.
في تلك المرحلة التي تعود الى عام (2005) كنت اكتب عموداً سياسياً ثابتاً في الجريدة نفسها باسم مستعار، وقد بدأت بكتابته منذ شباط (2004) بصورة منتظمة، ولم يحصل ان رفض رئيس القسم السياسي السابق أية مقالة او اعترض عليها لغاية تركه الجريدة بعد حصوله على وظيفة حكومية.
كالعادة قدمت مقالتي الى صديقي الذي تربطني به علاقة نبيلة، والذي كنت وراء تعيينه، وبدأ الرجل بقراءتها على اكبر قدر من التمعن والتمهل والتأمل وكأنه يقرأ نصاً مسمارياً يعود الى ما قبل الميلاد، او نصاً ينتمي الى مابعد الحداثة وانا اراقبه مستغرباً، كان مرتبكاً ويده ترتعش حتى خفت عليه من خوفه، وتساءلت في سري (هل كنت مخدوعاً بموهبته؟!)، وفاجأني بقوله (ارجوك أستاذ أبو عمار تفضل اجلس بمكاني واقرأ ملاحظاتي!) ، كان تصرفه غريباً،  وبين مصدق ومكذب قرأت ملاحظته  الأستاذ حسن العاني .. كونكم خبرة إعلامية نعتز بها .. نحيل اليكم هذه المقالة للتفضل بابداء الرأي حول صلاحيتها للنشر!). 
أدركتُ الى أي مدى بلغ به الخوف لأن المقالة تنطوي على طروحات جريئة ولكنها واقعية ولا تتضمن أية شخصنة او إساءة او مفردة خشنة او نابية، وهكذا - وداخلي غارق في الضحك - كتبت على مقالتي العبارة التالية (مقالة جيدة ولكنها لا تصلح للنشر)، وغادرت الجريدة وتوقفت عن كتابة (العمود) حتى لا احرج صديقي الذي تخلى عن الصحافة وانتهى به المطاف موظفاً في المكتب الإعلامي لوزارة (.......) يكتب عن إنجازاتها العملاقة ويدافع عن تصريحات الوزير ويجمل اخطاءه، واستطاع أن يحقق نجاحات باهرة في عمل يناسبه!.