العود العراقي عشق حضاري

الصفحة الاخيرة 2021/06/01
...

سامر المشعل 
ارتبط العراقيون بعلاقة حب استثنائية مع آلة العود، فعلى الرغم من توفر جميع الآلات الموسيقية مع اساتذة يدرسونها، سواء في المعاهد الرسمية او الاهلية، الا أن العراقيين يميلون الى آلة العود من دون غيرها، وربما يعود ذلك الى سبب خفي، وهو الجانب الحضاري والتاريخي، عبر حب متوارث من خلال اختراع آلة العود في العصر الاكدي في العراق قبل خمسة آلاف سنة، وسبب ظاهري، هو ان آلة العود ترافق العازف بالغناء، فيكون حب الموسيقى ممزوجا بالغناء والتعبير عن المشاعر الوجدانية والانسانية للفرد، لاسيما ان آلة العود تعطي صوتا شجيا وطربيا، وهي أقرب آلة للعازف ليس حسيا وحسب، بل جسديا ايضا، فيعمد العازف الى حضن الآلة وضمها الى صدره بكلتا يديه، كما يضم طفله أو
حبيبته.
حظي عازف العود العراقي على الدوام باحترام وتقدير الموسيقيين في العالم العربي وكذلك العالم، وانعكس حب العراقيين لهذه الآلة بإنشاء مدرسة خاصة بهم، هي المدرسة العراقية بالعزف، التي أسسها منذ ثلاثينيات القرن الماضي الموسيقي العبقري الشريف محيي الدين حيدر، والتي تختلف عن المدرسة الشرقية التي تضم مصر وسوريا ولبنان وغيرها، والتي تعتمد على الطرب وبث النشوة في نفوس المستمعين، وهذا ما نجده بشكل واضح في العزف المصري. 
والمدرسة العراقية تختلف ايضا عن المدرسة التركية، التي تعتمد الريشة المقلوبة، وتكون مشبعة بالروحانيات والصوفية.
اما المدرسة العراقية وبحسب قول الموسيقار نصير شمة، فقد أخذت من التطريب والتصوف باستخدام علمي وصهرت ببوتقة واحدة ضمن تكنيك ورؤية وافكار، وعادة يستغل العازف العراقي جميع مساحة العود في العزف.
تاريخيا اضاف الموسيقار زرياب الى العود العراقي الوتر الخامس، كما اضاف الموسيقار منير بشير الوتر السادس، وراجت وانتشرت صناعة العود في العراق وتميزت عربيا وعالميا، وبرز صنّاع مهرة طاف صيتهم في ارجاء البلدان العربية، ومنهم الاسطة محمد فاضل وأولاده والاسطة نجم عبود والاسطة فؤاد جهاد وآخرون، وعزف على العود العراقي كبار الموسيقيين والملحنين أمثال محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي وفريد الاطرش وبليغ حمدي وعوض دوخي وغيرهم.
وظهر في العراق الكثير من الموهوبين في العزف ومن أجيال عدة، وانتشرت مؤلفاتهم الموسيقية ومن الجيل الاول نذكر الشريف محيي الدين حيدر، سلمان شكر، معتز محمد صالح، غانم حداد، جميل بشير، ومنير بشير، ومن الجيل الذي جاء بعدهم علي الامام، خالد محمد علي، وسالم عبد الكريم، ومن الجيل التالي لهم  نصير شمة، سامي نسيم، دريد فاضل، واحمد المختار، ومن الجيل الجديد الدكتور علي مشاري، جعفر صادق، يوسف عباس، مصطفى زاير، سعد محمود، يحيى عبد الكريم،
وغيرهم.