تجربة بسماية.. التكرار والنتائج

اقتصادية 2021/06/03
...

عبدالزهرة محمد الهنداوي
 
أزمة السكن في العراق، ليست وليدة اليوم، بل هي أزمة تكاد تكون متجذرة، وفجوتها تزداد اتساعا يوما بعد يوم، في ظل تزايد مضطرد للسكان، الذين يزيدون نحو مليون نسمة سنويا، ومعنى هذا أننا بحاجة الى ما لا يقل عن 250 ألف وحدة سكنية في كل عام، لاستيعاب هذه الزيادات السكانية، ولهذا ليس غريبا، ان تكون حاجة البلد الى أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية.
الآن، وبعد أربع سنوات ستكون الحاجة الى الى 4 ملايين، في حال بقي الحال على ما هو عليه، كما اننا لانستغرب ايضا، انتشار ظاهرة السكن العشوائي في كل المدن والمحافظات، حتى اصبحت جزءا من المشهد، نتج عنه تشويها مرعبا للحواضر، وضغطا هائلا على الخدمات، وتجريفا واسعا للاراضي الزراعية.
وفي الحديث عن معالجات أزمة السكن، نتحدث عن اول مجمع سكني ينفذ بأسلوب المقاولة، وهو مجمع بسماية، الواقع جنوب بغداد، بوصفه خطوة ناجحة في حل جزء من الازمة، فهذا المجمع يمثل تجربة مهمة، بالرغم من الملاحظات التي اثيرت بشأنه، ويعد من اكبر المجمعات السكنية في تاريخ العاصمة بغداد، اذ يضم نحو 100 الف وحدة سكنية، اكتمل منها حتى الان،  اكثر من 30 الف  وحدة سكنية.
ولذلك فإن الحديث عن تكرار هذه التجربة، ممكن ومهم جدا، مع الاخذ بنظر الاعتبار الملاحظات السلبية، والمشاكل والتحديات التي واجهت تنفيذ المشروع، وهنا بالإمكان ان يصار الى تنفيذ مثل هذه المجمعات السكنية في جميع المحافظات، مع اتباع اساليب مختلفة في التنفيذ والبيع، ففي ما يتعلق بالتنفيذ، لم يعد مجديا ان تتولى الحكومة تنفيذ مثل هذه المشاريع، حتى وان كان ذلك بأسلوب المقاولة، وهنا يمكن ان يكون القطاع الخاص العراقي هو المنفّذ، بطريقة الاستثمار المباشر، ويكون التمويل من قبل مصارف القطاع الخاص نفسه، فهناك عشرات المصارف التي لديها ملاءات مالية جيدة تؤهلها لتمويل مثل هذه المشاريع، واعتقد ان الجانبين، (المستثمرون والممولون) لديهم الاستعداد لخوض تجربة من هذا النوع، لأنها مجدية اقتصاديا.
أما في ما يتعلق بعملية البيع، فما زال المستفيدون من هذه المجمعات، يشكون ارتفاع الأسعار، ما يجعل الحصول على شقة، صعبا ومرهقا لميزانية الأسرة، وهنا يمكن ان يصار الى أسلوب منح القروض بضمانة الوحدة السكنية نفسها، وبفوائد ميسرة وبمدد زمنية مناسبة، لتقليل القسط الشهري، الأمر الذي يشجع الناس على الإقدام، وبدا ذلك واضحا من خلال مبادرة مصرف الرافدين الأخيرة، بمنح القروض للراغبين بالحصول على شقة في مجمع بسماية، فكان الإقبال كبيرا، فاق التوقعات..
خلاصة القول، إن تنفيذ مجمعات سكنية على غرار مجمع بسماية، وبأسلوب الاستثمار المباشر، سيسهم في معالجة أزمة السكن بنحو كبير.