غرامات الذوق العام

الصفحة الاخيرة 2021/06/07
...

عبد الهادي مهودر
 
في الاسبوع المقبل تبدأ مفارز المرور بفرض غرامة قدرها ثلاثون الف دينار على كل مركبة وتكتك يحملان عبارة مسيئة لا تناسب الذوق العام، وهكذا اعلنت مديرية المرور العامة وكما يبدو من صياغة بيانها فليس كل العبارات مسيئة للذوق العام وبعضها مقبول ومسموح به، وقد تضطر مديرية المرور العامة لاصدار توضيح تفصيلي بالمسموح وغير المسموح وبالتفاصيل التي قد يكمن فيها الشيطان الرجيم، وتحديد العبارات المسيئة سيضع شرطي المرور في حيرةٍ من أمره وتكون خاضعة لتفسيره وميوله ولمستواه الثقافي، خاصةً ان معظم العبارات مكتوبة باللهجة الشعبية وبأساليب ساخرة ومتعددة المواضيع والاهداف بين سياسية واقتصادية واجتماعية وعبارات ذات صلة بغدر الزمان وغدر الحبيب، ومع ان مديرية المرور العامة تريد تنظيم وتشذيب عمل هذا القطاع، إلا أن الغرامات الانتقائية ومنع عبارة دون أخرى سيدخلانها في اشكالات عديدة هي في غنى عنها، وكم تمنينا لو تعيد مديرية المرور العامة النظر بجدول أولياتها، فهناك ما هو أهم وتمس الحاجة اليه، فتكون اولية فرض الغرامة على مركبات النقل العام التي لا تحتوي على منظومة تبريد في هذا الحر اللاهب، أو تغريم السائق الذي يفرض ذوقه الخاص على الذوق العام، وتفعيل عمل اشارات المرور وخطوط العبور التي نسيناها تماماً، والتقليل من عدد الطسات، وتحديد خطوط سير واضحة ومحددة لسائقي الدراجات النارية بدل الفوضى السائدة والسير العشوائي والحوادث اليومية المميتة، ونحن بلا شك مع سيادة القانون والذوق العام، على ألا يتحول شرطي المرور الى جابي غرامات فقط، وألا تكون الغرامة من أجل الغرامة، فهي الوسيلة لبسط القانون وردع المخالف وليست الغاية، وشرطي المرور الذي يتفوق على أقرانه بفرض الغرامات ليس بالضرورة افضل من غيره، وقياس العمل ليس بعدد دفاتر الغرامات والوصولات.
 في الاسبوع المقبل يدخل رجال المرور في اختبار فرز العبارات المسيئة عن المقبولة، ولا ندري كيف سيتعاملون مع الصور والشعارات والعبارات الحساسة التي تحتاج الى قلبٍ شجاع ولجان مختصة لمعرفة مغزاها وتحليل محتواها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كيف يمكن تقييم عبارة (وراء كل رجل مديون امرأة عظيمة) التي قرأتها على ظهر تكتك، هل تعد مسيئة للذوق العام أم في حدود الذوق العام؟، ناهيكم عن صعوبة تقييم عبارة (رضا الوالدين عنك أهم من رضا امك وابيك).