أسمهان.. صوت ملائكي سحر المستمعين

الصفحة الاخيرة 2021/06/08
...

  قاسم موزان 
 
في الاربعينيات تعرض الوسط الفني العربي الى هزة كبيرة برحيل المطربة الانيقة اسمهان، وهي في مقتبل العمر في ظروف غامضة لم يكشف النقاب عنها، اذ سقطت سيارتها في ساقية صغيرة في رأس البر بمصر هي وصديقتها وواجهتا الموت، ونجا السائق وهرب الى جهة غير معروفة، ما زاد الامر غموضا وقيد الحادث ضد مجهول، وكان ذلك في العام 1944من القرن الماضي، واستطاعت اسمهان في اعوام قليلة انجاز اكبر قدر من الاغاني الرائعة التي ما زال اثرها الفني في ذائقة المتلقي لرقتها تارة، وشجنها تارة اخر، وحققت نجاحا لافتا منذ بداياتها الاولى. 
ولدت المطربة اسمهان واسمها الحقيقي {آمال فهد اسماعيل الاطرش} لاسرة درزية مرموقة في العام 1912 على متن باخرة يونانية واضطرت هي واسرتها بعد وفاة والدها للتنقل هربا من الفرنسيين واستقر فيها المقام في القاهرة، وبرزت بعد سنوات موهبة اسمهان الغنائية في المنزل او اثناء مشاركتها في حفلات المدرسة باغاني ام كلثوم ومحمد عبد الوهاب، وشاركت شقيقها المطرب الراحل فريد الاطرش في الغناء في صالة ماري منصور بعد نجاح تجربتها مع والدتها في حفلات الافراح، واكتشف موهبتها الفنية الملحن داوود حسني وقدم لها الالحان الجميلة وهو الذي اطلق عليها اسم اسمهان الذي يعني السمو والرفعة والارتقاء وقدمت اسمهان اجمل الاغاني للذائقة العربية بصوت شجي قلما تجود به الساحة الغنائية مثل {ليالي الانس في فيينا} و {انا الي استاهل} و {انا اهوى} و {عليه صلاة الله وسلامه} و {امتى ح تعرف} و {يا حبيبي تعال شوف} وغيرها الكثير التي اثرت الغناء العربي بروعة الصوت والاحساس الراقي الذي ينطلق من روحها بانسيابية فريدة ولو لم يغيبها الموت المفاجئ وهي في ريعان شبابها لدخلت في منافسة مع اشهر مطربي ومطربات عصرها والسنين اللاحقة.  
ومثلت الراحلة اسمهان فيلمين للسينما المصرية، الاول {انتصار الشباب} في العام 1941 مع شقيقها فريد الاطرش وغنت فيه روائع اغانيها مثل اوبريت {انتصار الشباب} واثناء تصوير الفيلم اعجب بها المخرج احمد بدرخان وتزوجها، اما الفيلم الثاني والاخير كان {غرام وانتقام} في العام   1944وشاركها البطولة يوسف وهبي وانور وجدي ومحمود المليجي وبشارة واكيم وقام باخراجه ايضا وادت فيه اغنية {ليالي الانس في فيينا} من كلمات احمد رامي ومن الحان شقيقها فريد الاطرش بروحية جميلة للغاية ومازالت المطربات يحاولن اجادتها، وخلال الفيلم وقبل أن تنهي مشاهده الاخيرة سافرت اسمهان الى بر مصر وتعرضت للحادث المشؤوم ما وضع المخرج في دائرة الاحراج في كيفية وضع نهاية للفيلم ونجح في اتمامه بالشكل الذي رآه المشاهدون واقنعتهم النهاية المؤثرة، ونجح الفيلم نجاحا مضطردا مع دموع ساخنة لفراق اسمهان الابدي.