وُلدِ ناقداً

الصفحة الاخيرة 2021/06/13
...

حسب الله يحيى 
 
توقفت امام عبارة جميلة ووفية اوردها الناقد أ.د. شجاع العاني في كتابه الصادر حديثاً عن اتحاد الادباء والكتاب في العراق بعنوان (من اصداء الماضي) جاء فيها : «ان قصص محمد خضير خلقت مني ناقداً»، هكذا يتواضع الكبار ويتعلمون ويعلمون، لكن من الغريب والعجيب في حياتنا الثقافية الراهنة وجود ظواهر لم تعرف من قبل ولم يعرفها احد من ادباء السلف الصالح. 
فلم يعرف من قبل عن اديب او فنان ممارسة ضغوط اخوية او صداقية او عشائرية للكتابة عن كتبه واعماله الفنية، ولا كيل المديح والاعجاب والثناء على ما قدمه، ولم يعرف عن محرري الصحف والمجلات القبول بمثل هذا الثناء الكاذب لانهم لم يقبلوا بصلاحية ما هو غير صالح للقراءة اصلاً، فكيف باصحاب مثل هذه الكتب الفجة أن يتحولوا بين ليلة وضحاها الى كتاب (كبار) ومبدعين (استثنائيين) وتجارب متميزة ومنجزات جديدة ونادرة؟.
ازاء هذا الانتاج الغزير من الاصدارات والمعارض التي تقام هنا وهناك نجد عدداً من (النقاد) قد تحولوا الى (مقاولين) للكتابة عن اي كتاب يهدى اليهم او تكون لمؤلفه علاقة ودية بهم ليتحول هؤلاء النقاد الى(عرضحالجية) يطلقون على انفسهم صفة النقد والنقاد!.
ان مهمة هؤلاء تعتمد على تحويل الفاشلين وانصاف المواهب، ومن يملك المال لطباعة كتاب او اقامة معرض ليصبح كل واحد منهم كاتبا كبيرا وفنانا نادرا وهي صفات لا تمتلك المصداقية وانما ترضي اصحاب اولئك الذين يبحثون عن الوجاهة والامجاد الزائفة وهذا الحال هو جزء من الزيف الثقافي الذي يطبع الاجواء غير الصحية السائدة في مجمل العمليتين الثقافية والاجتماعية.
ان النقد هضم واستيعاب لثقافات متجذرة وفكر حي وعميق يغترف من شواطئ العقل والحلم الشيء الكثير ومن خلالهما يصطفي الحقيقة الانسانية الصادقة والنقد الموضوعي النزيه، ترى هل سنشهد مستقبلاً جيلاً نزيهاً من النقاد يواجه نفسه وضميره قبل أن يواجه الاخرين؟.