تناول قادة القوى العظمى في مجموعة السبع أمس الأحد، حال الطوارئ المناخية في اليوم الثالث والأخير من قمتهم في انكلترا، بعدما أبدوا وحدتهم في مواجهة التحديات التي تمثلها الصين وروسيا وتصميمهم على إعادة العالم إلى مساره الطبيعي بعد أزمة كوفيد - 19 .
الشقّ البيئي
وتطرقت مجموعة السبع أيضاً إلى الشقّ البيئي من خطة عالمية واسعة النطاق للبنى التحتية طُرحت السبت من أجل الدول الفقيرة في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، للتشجيع على نمو أخضر عبر تحفيز الاستثمارات في الطاقات المتجددة والتكنولوجيا النظيفة، بحسب رئاسة الوزراء البريطانية.
وانتهى يوم السبت الذي شهد جلسات عمل مكثّفة ولقاءات جانبية بعيداً عن الأضواء، بوقت استرخاء خُلّد بصورة جماعية وتناول خلاله الحاضرون الحلوى ومشروبات ساخنة على الرمل في منتجع كاربيس باي في منطقة كورنوال.
تحذير صيني
من جانبها حذرت الصين، أمس الأحد، قادة مجموعة السبع «G7”، من أنَّ”الأيام التي كانت تقرر فيها مجموعات “صغيرة” من الدول مصير العالم قد ولت منذ فترة طويلة.
وفي هذا السياق، أوضح متحدث باسم السفارة الصينية لدى لندن قائلاً: “لقد ولت الأيام التي كانت تملي فيها مجموعة صغيرة من الدول القرارات العالمية”.
وتابع: “نعتقد دائماً أن الدول، كبيرة كانت أم صغيرة، قوية أم ضعيفة، فقيرة أم غنية، متساوية، وأنه يجب معالجة الشؤون العالمية من خلال التشاور بين كل الدول”.
وجاء ذلك خلال فترة اجتماعات قادة مجموعة السبع “G7” في جنوب غرب إنكلترا، التي تبحث عن رد موحد على الحزم المتنامي للرئيس الصيني، شي جين بينغ، بعد الصعود الاقتصادي والعسكري المذهل للصين خلال الأربعين عاما الماضية، حيث يريد قادة المجموعة، الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا واليابان، استخدام تجمعهم في منتجع “كاربيس باي” الإنكليزي، ليظهروا للعالم أن “أغنى الديمقراطيات يمكن أن تقدم بديلا لنفوذ الصين المتنامي”، بحسب وكالة “رويترز”.
خطة عالمية
وخصص قادة الدول السبع الكبرى اليوم الثاني من قمتهم للتصدي للصين ووضع خطة عالمية حول البنى التحتية موجهة إلى الدول الفقيرة، بعدما تعهدوا تسخير وسائل كبرى لمكافحة الأوبئة في المستقبل.
من جانبه حرص الرئيس الأميركي جو بايدن على حشد حلفائه لمواجهة التحديات التي تمثلها الصين وروسيا خلال هذا الاجتماع الذي ضم رؤساء دول وحكومات ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة وكندا واليابان وعقد في كاربيس باي بجنوب غرب إنكلترا حتى أمس الأحد.
أميركا والمسرح الدولي
خلال الاجتماع الأول بين الرئيسين الفرنسي والأميركي على هامش القمة، أجاب بايدن، في رده على أسئلة الصحافيين : «هل عادت الولايات المتحدة إلى المسرح الدولي؟» قائلاً وهو يرتدي نظارة شمسية «اسألوه» قبل أنْ يقول إيمانويل ماكرون «بالتأكيد».
وأظهر قادة الدول السبع الذين انضم إليهم نظراؤهم من كوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا وأستراليا والهند عبر الإنترنت، تفاهمهم رغم تبادل الاتهامات بين الأوروبيين وبريطانيا حول بريكست.
وأقرت مجموعة السبع بهذا الصدد خطة عالمية واسعة النطاق من البنى التحتية للدول الفقيرة والناشئة طرحها جو بايدن لتكون منافسة لخطة «طرق الحرير الجديدة» الصينية سواء في أميركا اللاتينية أو إفريقيا أو آسيا.
وتسعى خطة «إعادة بناء العالم بشكل أفضل» لمساعدة هذه الدول في النهوض بعد وباء (كوفيد – 19) بالتركيز على المناخ والصحة والقطاع الرقمي ومكافحة التباين الاجتماعي.
براغماتية
قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أمام الصحافيين «نحن نعلم أنَّ هناك حاجة ماسة للبنية التحتيَّة في إفريقيا لا يمكننا أنْ نكتفي بالقول إن الصين ستتكفل بها».
وأضافت «لقد قدمنا الآن خريطة الطريق هذه. إنها سابقة بالنسبة لمجموعة السبع، إنها طريقة براغماتية جداً للتفكير بشكل مشترك في من يمكنه تقديم ماذا وأين».
وترى الإدارة الأميركية أنه من الممكن تخصيص مئات مليارات الدولارات للخطة، ولا سيما بفضل القطاع الخاص.
كما أكد البيت الأبيض التزام مجموعة السبع بوقف دعم محطات توليد الكهرباء المعتمدة على الكربون بنهاية عام 2021، وفق ما تعهد وزراء البيئة في أيار.
أشارت واشنطن إلى أنَّ قادة مجموعة السبع قرروا للمرة الأولى ردم الهوة بين أهدافهم المناخية القصيرة والطويلة الأجل من أجل احترام اتفاقية باريس بشأن الاحتباس الحراري.
وفي الشق الدبلوماسي، رحبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في تغريدة بعودة «التضامن» و»التعاون» إلى مجموعة السبع.
وأضافت أنه تحالف ضروري من أجل مواجهة روسيا والتحديات الأمنية التي تفرضها على أوروبا، معربة عن قلق القوى العظمى بشأن بيلاروس حيث يتم قمع معارضي الرئيس ألكسندر لوكاشنكو بقسوة.
جهود ضد جائحة جديدة
في وقت سابق السبت الماضي، قدم القادة خطة لمكافحة الأوبئة في المستقبل، وهو اقتراح رحبت به لندن باعتباره «لحظة تاريخية».
وتنص الوثيقة على سلسلة تعهدات لمنع تفشي جائحة جديدة، من ضمنها خفض المهلة لتطوير اللقاحات والعلاجات والتشخيص، على أمل أن يكون العالم جاهزا في أقل من مئة يوم لمواجهة مرض طارئ.
أما الشق الثاني من النص فيتناول تعزيز الرقابة الصحية وتنفيذ إصلاح لمنظمة الصحية العالمية بغية تعزيزها، وهو هدف يصعب تحقيقه بدون مشاركة الصين التي تعتبر مجموعة السبع «زمرة» شكلتها واشنطن.
كما وفرت هذه القمة الأولى المنعقدة حضورياً منذ نحو عامين، فرصة لتحقيق تقدم بين مختلف الدول في الموضوعات الثنائيَّة الخلافيَّة، وفي طليعتها التوتر الناجم عن ترتيبات ما بعد بريكست المتعلقة بإيرلندا الشمالية.
وعقد بوريس جونسون الذي شارك في أول قمة له منذ خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي في الأول من كانون الثاني، لقاءات ثنائية متتالية منذ الصباح جمعته مع ماكرون وميركل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فو دير لاين، الذين طالبوه جميعهم باحترام التزاماته.