نسب المشاهدة مَنْ يتحكم بها؟

الصفحة الاخيرة 2021/06/15
...

سامر المشعل 
 
نشر الفنان سيف نبيل دويتو يجمعه بالفنانة بلقيس وبعد مرور ثلاثة اسابيع على نشره باليوتيوب حصلت الاغنية على 37 مليون مشاهدة، والرقم في تصاعد مستمر، بينما نشر الفنان كاظم الساهر أغنية «الحياة» وهي آخر قصيدة له من كلماته والحانه ولم تحصل الا على 500 الف مشاهدة، على الرغم من أن قيصر الغناء العربي نشرها منذ أكثر من شهر.
اذا وضعنا الاغنيتين في مقارنة، فمن المؤكد ان كفة الساهر سترجح من حيث الكلام واللحن والموسيقى، بينما أغنية سيف نبيل وبلقيس فهي أغنية بسيطة وفارغة المحتوى، أليست هذه مفارقة ؟!.
هذا يبين لنا ان نسبة المشاهدة العالية لا تدلل في كل الاحوال على جودة الاغنية ورصانتها، والشيء الاخر ان الذوق العام الذي يتابع الاغاني ويعطي نسب المشاهدة يشكو من الضعف والتدني الذوقي والثقافي.
المقارنة التي ذكرناها تنسحب على الكثير من الاغاني الجميلة والتي تتوافر على مقومات الابداع ويحظى مطربوها بمكانة مرموقة عند المستمعين مثل ياس خضر وحسين نعمة وقحطان العطار وحميد منصور وكريم منصور ومحمود انور ومحمد عبد الجبار وحسين البصري ومهند محسن وغيرهم من المطربين، لكن اغانيهم تحظى بنسب مشاهدة متدنية، لا تتناسب وقيمة وابداع هذه النتاجات الغنائية وبالمقابل هناك اغانٍ ساذجة ومخلة بالذوق العام واحيانا تكون مخجلة، لكنها تحصل على ملايين المشاهدات في غضون ايام
 قليلة.
السؤال هنا من الذي يتحكم بنسب المشاهدة ؟ وهل هذه النسب حقيقية أو وهمية؟، توهم الآخرين وأصحاب هذه الاغاني بانهم في قمة النجاح!.
يتفق جميع المتابعين والمعنيين في مجال السوشيال ميديا أن الشباب والمراهقين هم الاكثر تفاعلا مع الاغاني الحديثة، وهؤلاء الشباب ليست لديهم قاعدة ذوقية رصينة، انما اعتادوا على سماع هذه النوعية من الاغاني منذ عقدين من الزمن، وهذه الاغاني تنسجم وانفعالاتهم النفسية وطاقاتهم الجسدية لتفريغ كبوتاتهم بالرقص والحركة وهي اغانٍ ذات ايقاع سريع في الغالب وسطحية في خطابها الشعري ولا تمثل عمقا في الجمل الموسيقية أو اللحنية، ويطلق عليها البعض  «معزوفات» تتناغم مع الواقع اليومي لحياتهم الذي يتسم بالضياع واللا معنى.
 ومن جانب آخر هناك من يتحكم بعالم السوشيال ميديا في رفع نسب المشاهدة وشراء المشاهدات ومنها الاعلان الممول، من خلال اعلان يفرض نفسه على متصفح اليوتيوب، ولا يمكن تخطيه الا بعد خمس ثوانٍ، سواء كنت ترغب أو لا ترغب بهذا الاعلان فانه يسجل لك مشاهدة، بالفرض وليس بالاختيار!، وهذه احدى مساوئ التقنيات الحديثة، وينعكس ذلك سلبا على مستوى الذوق العام، فمن يملك المال هو الذي يتحكم بنسب المشاهدة، وقليل من الاغاني من يتسق الجانب الجمالي والابداعي مع ما تبلغه من نسب مشاهدة عالية.