الجدل المتواصل بشأن سعر الصرف وتخفيض قيمة العملة الوطنية «الدينار» مقابل العملة الاجنبية «الدولار» يعكس رصد أن هناك أزمة حقيقية وهي كذلك ولكن. ولغرض المقارنة بين مخاطر رفع قيمة الدولار على الدينار ومزاياه لا بد من مراجعة حيثيات وأسباب ومسببات القرار او الإجراء سمه ما
شئت .
فقد كانت الدعوات لرفع قيمة الدولار لمعالجة موضوعة ضعف مقاومة الانتاج المحلي لرفع قدرته على منافسة الانتاج المستورد تجابه بالرفض، وكان ذلك قبل تفاقم موضوع شح العملة الوطنية «السيولة» لتغطية النفقات التشغيلية «الرواتب» على رأسها .
ومن ثم تفاقمت ازمة السيولة بعد انهيار اسعار النفط التي رافقت جائحة كورونا وبوادر الازمة المالية العالمية وآثارها على اقتصادات العالم .
لذلك التجأت الدولة الى قرار خفض قيمة الدينار مقابل الدولار عبر الورقة الاصلاحية لوزارة المالية التي مررت في البرلمان بهدف ايقاف نزيف الاقتراض الخارجي والاعتماد على جزء من الاحتياطي النقدي، الى هنا تبدو الصورة واضحة لمعرفة مزايا التخفيض من وجهة نظرهم .
لكن ما الذي خلَّفه القرار من مخاطر وعيوب؟، وما الاسباب وراء هذه النتائج؟.
الورقة كانت متسرعة بعض الشيء كونها عالجت أزمة السيولة بأثر الصدمة أي تخفيض غير مسبوق للعملة الوطنية أمام الدولار، فقاد هذا القرار الى نتائج عكسية وخيمة لاتحمد عقباها، وذلك من خلال ارتفاع نسب التضخم بما يزيد عن اجراء طبع العملة كبديل «للمقارنة وليس لتأييد هذا الاجراء».
فحدث الذي حدث من ارتفاع اسعار المواد الغذائية والدواء، ابرز الحاجات الضرورية والملحة، اذا ما حسبنا نسب الفقر والبطالة وحجم الامراض المزمنة التي تثير الجدل.
والسبب هو ان هذا القرار او الاجراء اي خفض قيمة العملة الوطنية يتخذ في ظل وضع اقتصادي مستقر وليس في مثل وضع اقتصاد البلد .
حذرت هنا وفي هذه الصفحة بالتحديد منذ مناقشة موضوع خفض قيمة العملة الى ضرورة ان يكون التخفيض مدروسا وتدريجيا لكي نخفف من اثر الصدمة، ولكن للأسف لم يُؤخذ المقترح على محمل الجد .
ولو كان خفض قيمة الدينار مقابل الدولار تدريجيا؛ لما وصلنا الى هذه النتائج المثيرة للجدل، ولاستطاعت السياستان المالية والنقدية معالجة الامر بكل يسر وسهولة، ومن دون آثار قوية مؤثرة في المستوى المعيشي للمواطن من خلال اعادة رفع قيمة الدينار تدريجياً وانحلت كل الإشكالات .
دعوة الى البنك المركزي ووزارة المالية مازال الوقت متاحا لتعديل سعر الصرف تدريجياً؛ لان الوضع لايحتمل، المطلوب حل مرضٍ للجميع .
وضرورة أن يرافق هذا الإجراء استثمار فوائض عوائد النفط في تنشيط القطاعات الانتاجية لتحقيق هدف الاستقرار الاقتصادي المنشود.