لِنَعُدْ أمةً تقرأ

العراق 2021/06/22
...

سالم مشكور
هل نعود أمة تقرأ كي ننهض من جديد؟
يحتاجُ النهوض من الخراب، حالة وعي وإرادة، والوعي يحتاج الى علم ومعرفة لا يأتيان الّا بالقراءة. هكذا ترى الياباني والاوروبي يقرأ. غير التعلّم الأكاديمي، تراه يحمل كتابه في حقيبته اليدوية، يقرأ منه ما يستطيع كلما حصل على فسحة. في الباص وفي انتظار الطبيب وفي المطارات، ترى عيونهم وأذهانهم متداخلة مع الكتاب. لا فرق في ذلك بين شاب أو شيخ طاعن في السنّ قد يجعلنا نتساءل: وماذا بقي من عمره ولماذا يقرأ؟. لكن هذا المنطق لا يعرفونه، فالحياة عند الشعوب الحيّة لا تتوقف، والوقت له قيمة كبيرة حتى لو كان أياماً من آخر العمر. في جامعاتهم ترى الشيخ المقترب من السبعين يدرس مرحلة البكالوريوس، وهو يأمل من ذلك علماً قد يكون للمتعة أو لفرصة عمل تأتيه.
كعراقيين عرفنا منذ القديم بالقراءة. جيلنا كان يفاخر بعدد الكتب التي قرأها. كان السؤال الطبيعي عندما نلتقي: ما آخر كتاب قرأته؟. وعندما ضاقت خيارات القراءة بسبب طول قائمة الممنوعات خلال الثمانينيات والتسعينيات، ورغم قساوة الظروف الاقتصادية لم نتوقف عن القراءة بل راجت سوق الاستنساخ السري للكتب التي تدخل البلاد تهريباً أيضاً. هكذا كنا أهلا لمقولة إن "القاهرة تؤلف وبيروت تطبع وبغداد تقرأ".
لكن الظروف كانت أقوى، فابتعد الكثيرون عن القراءة خصوصا الأجيال الجديدة التي نشأت في ظروف المحن والحروب ولم تجد من يشجعها على القراءة. وخلال سنوات العقد ونصف العقد الفائتة لم يوظف هذا الجيل ما وصلت اليه التطورات التقنية في عملية كسب المعرفة. الهاتف الذكي يدخل حامله الى خزائن المعرفة لكن أكثر الشباب يستخدمونه فيما لا ينفع. الانسان الغربي بات يقرأ كتابا الكترونيا على لوح هاتفه الذكي، بينما أغلب شبابنا ينشغلون في حوارات وصراعات تزيد من الفرقة والتباعد، لكن الأمل بالعودة يلوح في الأفق.
هناك مؤشرات على اتجاه الشباب الى القراءة، ومعارض الكتاب تشهد اقبالاً متزايداً وهذا يبشرنا بالعودة الى أمة تقرأ. وزارة الثقافة بإمكانها لعب دور كبير في التشجيع على القراءة، من خلال توفير كتب بسعر منخفض وبأحجام وأوزان تجعل حمله في الحقيبة سهلاً.
نحتاج أن نقرأ لنبني أنفسنا، فبناء الأوطان يبدأ من بناء 
الانسان .