أمة تقرأ

ثقافة 2021/06/23
...

  علي لفتة سعيد
 
كثر الكلام ونقد بعض الأدباء على زملاء لهم بأنهم يكتبون كثيرا وتتنوع لديهم الكتابة، مثلما كثر الحديث عن اقتحام أقلام جديدة لهذ الحقل أو ذاك، وصارت عملية النقد وجلد الذات صيغة حاضرة للكتابة، وهو أمر قد لا يخلو من المصداقية، لكنه يخلو من عملية التدقيق، لأن الأمر ليس فقط ذكر العدد أو الاشارة الى كثرة المطبوعات والاصدارات، بل الامر يحتاج الى عملية غربلة ونقد وتوصيف وتصنيف، ومن ثم الاشارة الى الجودة من بين كمية المطبوعات.. وأيضا فإن الأمر لا بد أن يكون طبيعيا، فكيف تعرف البحر من دون أن تدرك الزبد؟، وكيف تعرف الجيد من دون أن تدرك الرديء؟.. وكيف تعرف السمين من دون وجود الغث؟.. هذه شبكة علاقات مزاملة للفكر الانساني منذ ان بدأ خلق الانسان لأنه بها يمكن تمييز الحالات الجيدة التي هي من الطبيعي ان تكون أقل بكثير من الحالات غير
الجيدة. 
فعدد الثمار أقل دائما من الاشواك.. لكن الامر يبدو أنه مجرد نقد والكلام عن الآخر من دون تمحيص وقراءة، وأيضا التأثر بكلام الآخرين ما ان يكتب بوستا عن وجود روايات او نصوص شعرية او اية مجال ادبي رديء حتى تجد المتشابهين ينتقدون ويتذكرون بسرعة المثل القائل (ياهو اليجي سخم وجه وكال حداد).
بالنسبة لي أرى العكس تماما، إن الكثرة تعطي الكم النوعي للمبدع قيمة وجودة هذا من جهة، ومن جهة ثانية كثرة الكتّاب تعني أننا أمة نقرأ ونكتب ولو كان لدينا 40 مليون كاتب فهو أمر حسن بدلا من أن يكون الشاب قد ولج عالما آخر.. أريد الشعب كلّه ينتج أدبا، فبالأدب نصنع الحياة والجمال.. لا علينا القلق من كثرة الكتاب بل علينا القلق من نصّنا الذي نكتبه هل هو متفرّد ومبدع وفيه خاصية جديدة؟، هل هو نص لا يدخل في خانة جلد الذات؟، نحن نعيب على الإنتاج الكثير ولا نفكّر أن هؤلاء المنتجين هم قراء أصلا، وهم نوافذ الأمة اتي نطلّ منها وعليها بهدف إدخال الضوء.. أما المتعة فهي نسبية، فما يعجب المتلقّي هذا لا يعجب ذاك، فقط نحتاج أن نبعد الرأي المسبق عن الأدب العراقي، مثلما نبعد الرأي المسبق عن اسم لا يرون فيه سلبيات العمل بقدر ما يرون اسمه اللامع، وفي الحالتين نحن نخسر الإنتاج والجمال والروح والمعنى.