أمانة مجلس الوزراء تكشف لـ(الصباح) أبرز المشاريع بين العراق والأردن ومصر.. بغداد تضيِّف اليوم قمة التكامل الاقتصادي
اقتصادية
2021/06/27
+A
-A
بغداد: حسين ثغب
فرح الخفاف / مصطفى الهاشمي
تتجه الأنظار اليوم نحو بغداد، حيث تستضيف القمة الثلاثيَّة بين العراق والأردن ومصر.
وستكون هذه القمة نوعيَّة ومختلفة عن سابقاتها، فبعد النجاح السياسي والأمني الذي حققه العراق، سيكون الملف الاقتصادي المتسيد للمباحثات والنتائج، خاصة مع سعي حكومة الكاظمي إلى فتح آفاق التعاون مع دول المنطقة والعالم، من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي وتحريك عجلة البناء والإعمار.
قمة تتويج الجهود
وبهذا الشأن، قال المتحدث الرسمي باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد لـ»الصباح»: إنَّ «القمة الثلاثيَّة التي ستعقد بين رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تأتي استكمالاً لما جاء في مخرجات القمة التي عقدت في عمان، واجتماعات المجلس التنسيقي العراقي- الأردني- المصري، وتتويجاً للزيارات المتبادلة بين الجهات الثلاث، فضلاً عن الوفود الوزارية التي زارت العراق من مصر والأردن، والوفد العراقي الكبير الذي زار الأردن ومصر».
وأوضح مجيد أنَّ «هذه الزيارات شهدت توقيع عددٍ من مذكرات التفاهم في مجالات مختلفة، الهدف منها الإسهام في تدوير عجلة الاقتصاد في العراق، وفتح آفاق التعاون الثلاثي المشترك، فضلاً عن تعزيز وتعميق العلاقات التي تربط حكومات هذه الدول الثلاث».
وتابع أنَّ «هذه القمة والشراكة بين الدول الثلاث ستشهد تطوير التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، لا سيما بعد التوقيع على مذكرات التفاهم في المجالات الصحية والتعليمية والثقافية والزراعية، وفي مجالات أخرى».
وأكد أنَّ «القمة جاءت تأكيداً على موقف الحكومة العراقية والتزامها بفتح آفاق العلاقات مع المجتمع الدولي بصورة عامة وعلى دول الجوار بشكل خاص، وهذه السياسة الخاصة بالانفتاح وضعتها الحكومة العراقية ضمن أولوياتها في برنامجها».
ربط كهربائي ومدينة صناعيَّة
المتحدث الرسمي أشار الى أنَّ «العراق تربطه مساحة وحدود مشتركة مع المملكة الأردنية الهاشمية، وهناك مقترحٌ لإنشاء مدينة صناعية - تجارية خاصة بالتبادل التجاري بين العراق والأردن، فضلاً عن مشروع الربط الثلاثي المشترك للكهرباء ما بين العراق والأردن ومصر، وهذا شغل مراحل متقدمة، والجانب العراقي يعمل الآن على مد هذه الشبكات من منطقة طريبيل حتى محافظة الأنبار بالتنسيق مع إحدى الشركات العالميَّة الرصينة، وايضاً توجد مشاريع بين العراق ومصر لإعادة الإعمار، من خلال إنشاء المجمعات السكنيَّة، وشبكات الطرق والجسور، نظراً لما شهدته التجربة المصريَّة من نجاح في المدة الأخيرة من خلال شركات رصينة عاملة».
وزاد بالقول: إنَّ «هذه الاتفاقيَّة ستكون بين وزارتي الإعمار العراقيَّة والمصريَّة، وهناك تعاون على مستوى الصناعات الدوائيَّة ما بين العراق ومصر، فضلاً عن تبادل الخبرات الطبية والزمالات الدراسية بين العراق والأردن، الى جانب مشروع خاص ضمن تطوير الثروة الحيوانيَّة والزراعيَّة مع مصر والأردن»، منوهاً بأنَّ «كل هذه الملفات المشتركة ستكون حاضرة في القمة، إذ تمت مناقشتها أثناء زيارتنا كوفدٍ وزاري الى الأردن ومصر، وتمت مناقشتها بصورة تفصيليَّة في القمة الأولى، والقمة الثلاثيَّة ستضع النقاط على كل ما تم العمل به خلال المدة السابقة».
رسالة إيجابيَّة
عضو منتدى بغداد الاقتصادي جاسم العرادي بين أنَّ «عقد القمة الثلاثيَّة في بغداد يعدُّ رسالة إيجابيَّة الى جميع البلدان العالميَّة والإقليميَّة والعربية بأنَّ بغداد آمنة
ومستقرة».
وأكد العرادي أنَّ «وجود القادة العرب في بغداد يمثل بادرة خير وبالإمكان الإفادة منها من خلال نقل تجربة البلدان العربيَّة في البناء والنهوض الاقتصادي، وتجربة مصر في بناء مدن حديثة جديدة رائدة ومتميزة ومناقشة الطبيعة الاقتصاديَّة والاستثماريَّة».
وأضاف أنَّ «القمة تعدُّ استثنائيَّة، وتقوم على أساس التفاهمات والمصالح الاقتصاديَّة المشتركة بين البلدان الثلاثة من خلال الإفادة من الكتلة البشرية الضخمة لدى مصر، مقابل الثروة النفطية الضخمة لدى العراق، علاوة على الأردن بحكم موقعها الجغرافي الذي يربط العراق بمصر».
ولفت الى أنَّ «بغداد تعمل جاهدة للتواجد على الصعيد السياسي الدولي والإقليمي والعربي من جديد، وهذا أكسب العراق على المستوى السياسي والأمني ثقة كبيرة في استضافة القمم وتأمين تواجد الوفود الكبيرة لدى العراق».
وبين أنَّ «العراق له ثقل اقتصادي كبير على مستوى المنطقة والعالم، الذي تدركه جميع الدول، الأمر الذي ينتج عنه شراكات ثنائيَّة تخدم الاقتصاد الوطني وتحقق الفائدة للشريك من دول العالم».
التنفيذ المشترك للمشروعات
الاستشاري في التنمية الصناعيَّة والاستثمار عامر الجواهري قال من جانبه: إنَّ «التعاون الاقتصادي العربي والسوق العربيَّة المتكاملة المشتركة، طموح تم التفكير به منذ عقود من السنين لما تتضمنه البلدان العربية من تكامل في الموارد الطبيعيَّة».
ورأى الجواهري أنَّ «هذا التكامل يحفز لوضع آلية جادة متكاملة للتعاون في المجالات كافة، مع برامج زمنيَّة تتضمن زيادة الاستثمارات في مشاريع عملاقة مشتركة التي يمكن أنْ تستقطب استثمارات عربيَّة من خارج التحالف الثلاثي ضمن منهجية لتعزيز الاستثمارات العربيَّة البينيَّة».
وتابع: «تأتي القمة الثلاثيَّة لوضع اللبنة لهذا التوجه الستراتيجي الذي لا بُدَّ منه، باعتماد مبدأ الربح – الربح لجميع الأطراف، ويمكن أنْ يكون هذا التحالف في المجالات الاقتصادية والعلمية والبحثية والسياحية والنقل والاتصالات، إذ إنَّ العراق يعاني من تراجع بيئة الأعمال، ما أدى الى تراجع الواقع الصناعي والإنتاجي، بضمنه تنامي الحاجة للمنتجات الدوائيَّة».
وأكد أنَّ ذلك «يؤشر صعوبة الموازنة العادلة بالتبادل التجاري لمنتجات البلدان الشقيقة مع العراق»، مقترحاً أنْ «يتم تبني كل دولة لبناء مدينة صناعيَّة متكاملة الخدمات في الداخل تقع ضمن مقتربات محافظتي نينوى والأنبار ضمن مخططات هيئة المدن الصناعية في وزارة الصناعة والمعادن، ما يسهم في تحسين قدرة المنتج العراقي وزيادة التنوع في المنتجات التي يمكن تصديرها عندئذ الى أسواق الأشقاء».
ودعا الجواهري الى «تبني التنفيذ المشترك لمشروعات إنتاجية كبيرة تعطي الصدى اللامع لهذا التحالف من خلال شركة عربيَّة مشتركة لكل مشروع تسهم بها الدول الثلاث كل بقدراته الفنية والتنفيذيَّة والإداريَّة والتسويقيَّة».
واستطرد بالقول: «أما التمويل فيمكن من خلال حزمة يجذب لها الاستثمارات الخليجية أو غيرها، ومن المشاريع المقترحة والمدروسة بدرجات مختلفة: مشروع البتروكيمياويات في منطقة الفاو، الأسمدة الكيمياوية الجديد في خور الزبير، مشروع جديد للحديد والصلب في منطقة خور الزبير، مشروع جديد للأسمدة الفوسفاتية في القائم/ الأنبار، مشروع متكامل جديد للسكك يربط ميناءي الفاو وأم قصر والبصرة مع منطقة فيشخابور على الحدود التركية نحو
أوروبا». وأشار الى إمكانية «التعاون السياحي في العناية بالمناطق الآثارية العراقية ثم في توازن تبادل البرامج والأفواج السياحية ما يسهم في زيادة العلاقات الخلاقة باتجاه تعزيزها وتطويرها نحو البلدان العربية
والاقليمية».
التكامل الاقتصادي
من جانبه، عد الخبير الاقتصادي ثامر العزاوي القمة الثلاثية بالـ»مهمة جداً».
وقال لـ»الصباح»: إنَّ «نتائج القمة ستدفع التكامل الاقتصادي والتجاري بين الدول الثلاث، وستخلق اتحاداً ثلاثياً سيكون مكملاً لعلاقات وتعاون العراق مع دول المنطقة والعالم الأخرى».
واضاف العزاوي أنَّ «مصر تمتلك خبرة في مشاريع البناء والإعمار والطرق والجسور، فضلاً عن الزراعة والصناعة، وهذان المجالان الأخيران تبرعان فيهما الأردن ايضاً، وهو ما سوف يسهم ويساعد في حملة البناء والإعمار والإصلاح الحكومية».
نهضة عمرانيَّة
بدوره، توقع المختص العقاري سعد الزيدان، أنْ تشهد المدة المقبلة نهضة عمرانيَّة، فور دخول الاتفاقات ومذكرات التفاهم بين الدول الثلاث حيز التنفيذ.
وقال الزيدان لـ»الصباح»: إنَّ «القمة الثلاثية ستكون فاتحة خير لمواطني هذه الدول بشكل خاص وشعوب المنطقة عامة، فإنَّ كل دولة من الدول الثلاث تتميز بإمكانيات خاصة، ما يجعل التعاون بينها مكملاً ومساهماً في تطور هذه البلدان، لا سيما أنَّ العراق يخطو صوب حملة كبرى لدعم الاستثمارات وتصحيح المسارات وتحقيق
الإصلاحات».
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قال خلال زيارته إلى واشنطن: إنّه يعتزم الدخول في مشروع ستراتيجي يحمل اسم «الشام الجديد»، إذ أوضح أنّه مشروع اقتصادي على النسق الأوروبي يجمع بغداد بالقاهرة وانضمت إليه عمّان في ما بعد.
والمشروع لا يقتصر على هذه الدول الثلاث وإنما مرشح لضمِّ دولٍ عربية أخرى، و»الشام الجديد» بحسب خبراء ستراتيجيين يعتمد على الثروة النفطية الهائلة التي يمتلكها العراق، مقابل الكتلة البشرية الضخمة لمصر، وتنضم لهما الأردن بحكم موقعها الجغرافي الذي يربط العراق بمصر.
ضمان الاستقرار الاقتصادي
الباحث في الشان الاقتصادي عقيل جبر علي المحمداوي قال إنَّه: «ازاء التوقعات الإيجابية للقمة، نقترح ستراتيجية نهج قائم على التنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي – مسار أنموذج جديد للنمو الاقتصادي والاجتماعي في العراق والاردن ومصر».
وأشار الى «أهمية تطبيق (استراتيجية الاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية كنموذج تنمية جديد للدول الثلاث، فضلاً عن تشكيل مجلس التنمية التعاوني بينها لتسريع مجالات التنمية وإزالة القيود والحواجز والإجراءات البيروقراطية، الى جانب ضمان نقل التكنولوجيا والتقنيات المتطورة والاستخدام الامثل للموارد المتاحة
للبلدان».
وأكد المحمداوي ضرورة «الاتفاق على بناء خط سكك حديد تجاري وخدمي بين البلدان الثلاثة، وتطوير الموانئ والطرق والجسور، وتجديد شبكات الماء والكهرباء»، داعياً الى «الإفادة من منظومات تطوير الطاقة المتجددة والنظيفة والبديلة وتطوير الاستثمارات النفطية في تحقيق التنمية المستدامة ومسارات التنمية
المبتكرة».
ورأى أنَّ «ضمان الاستقرار الاقتصادي الكلي والاجتماعي، سيتطلب النموذج الجديد من الاستخدام والتوظيف الأمثل للموارد واحتياطيات إنتاجية العمل، وتحريك بيئة الأعمال وتهيئة البنية التحتية والإفادة من الموارد والامكانات المتاحة ونقل التجارب الناجحة، خصوصاً في قطاعات النقل والمالية والتطوير المصرفي وتطوير النظام الضريبي وتنمية قطاع الخدمات
وغيره».
وتابع الخبير: «كأساس يعتمد للسنوات المقبلة، يمكننا النظر في سيناريو النمو غير المتكافئ خلال السنوات اللاحقة مع زيادة تكلفة زيادة رأس المال، ليتم التقليل من المخاطر المرتبطة بالاختراقات المبتكرة في مجال موارد الطاقة الخام، ويمكن أن يؤدي الابتكار في هذا المجال إلى انخفاض سعر التوازن على المدى
الطويل».
تنافسية الدول الثلاث
وأوضح «ستتحدد تنافسية الاقتصاد في الدول الثلاث وإمكانيات النمو الاقتصادي بعدد من العوامل الإيجابية وهي حجم السوق، والجودة العالية نسبياً لرأس المال البشري، وتوافر المواد الخام (التي تشكل احتياطيات مالية)، فضلاً عن تكاليف العمالة المنخفضة نسبياً من الناحية الايجابية».
وأشار الى أنَّ «من بين التحديات التي تواجه اقتصاديات هذه البلدان ، الموقع الوسيط بين البلدان ذات العمالة الرخيصة والبلدان ذات المؤسسات الجيدة (مقص التنافسية)، وانخفاض الكفاءة والخبرات التنموية المحدودة في استخدام مزايا رأس المال البشري، وزيادة عبء الإنفاق الاجتماعي، وارتفاع الاعتماد على ظروف السوق الخارجية».
يذكر ان وزارة الطاقة والثروة المعدنية الاردنية توقعت أن يبدأ تشغيل مشروع الربط الكهربائي مع العراق في العام 2022، مشيرة الى أنه تم تجديد عقد تبادل الطاقة لعام 2020 مع مصر وتوقيع اتفاقية عقد تزويد الطاقة الكهربائية من الجانب الأردني إلى الجانب العراقي، وتم البدء بتنفيذ المشروع في المرحلة الأولى.