السينما العراقيّة والمصريّة.. تعاون خلّاق لم يُطفئه النسيان

الصفحة الاخيرة 2021/06/27
...

 بغداد: ضياء الاسدي
لايمكن لنا ان نستذكر بداية دوران كاميرا السينما في العراق، من دون العودة الى التعاون المثمر والخلاق بين السينما العراقية والمصرية، الأمر الذي اسهم في تأسيس أضواء الفن السابع في العراق بجميع حمولاته الجمالية والصورية.
وكلنا يتذكر فيلم {ابن الشرق» للمخرج المصري ابراهيم حلمي وعرض في العام 1946 على صالة سينما غازي، وهو انتاج عراقي مصري مشترك وقدّر لهذا الفيلم ان يكون انطلاقة السينما في العراق.
وأسس هذا الفيلم لتجربة انتاج مشترك اخرى بعد نحو عام من النجاح، فكان فيلم {القاهرة بغداد» الذي تلقفته ابصار العراقيين في سينما الحمراء العام 1946 للمخرج المصري احمد بدر خان. وللسينما المصرية نكهتها في العراق منذ ستينيات القرن المنصرم، فنجد ان الشارع العراقي عاش في امكنة الفيلم المصري وتقمص ادوار ابطاله، ولم تعد اللهجة عائقا امام الكثيرين من العراقيين الذين احبوا لهجة مصر وتكلموا بها في مجالسهم. الناقد السينمائي علي حمود الحسن تحدث عن المكان بلغة رشيقة واصفا اياه بان» المكان بطل آخر في السينما، والزمان كذلك، الأول هو من يعطي احداث الفيلم الحياة، والثاني يبلورها سياقيا»، ويواصل الحسن» سينمائيا الأثر يتحوَّل الى متخيَّل، يشابه الأصل لكنه ليس هو، مدن السينما توقع عشاقها في مصائد فتنتها، مدن الجغرافيا لا تفعل ذلك بذات القدر، وهذا يحيلني الى تجربة شخصية، واجهتني بعد زيارتي الأولى لمدينة القاهرة، إذ ما أن شاهدت معالمها ومثابات أثرها العريق، حتى تلبستني حمى تتبع الأفلام المصورة فيها، فليس بعيدا عن مقهى زهرة البستان الواقع في وسط البلد، تربعت عمارة يعقوبيان، بمعمارها الفرنسي الضاج بالحنين لزمن مضى، وهي تحكي قصة تعاقب الأجيال والثقافات، لم أهتم بذلك وأنا المتيَّم بجمال العمارة، إنما رحت أحكي جذلا مع زملائي عن فيلم «عمارة يعقوبيان» الذي اتخذ من هذا الأثر موقعا لأحداثه، والأمر ذاته ينطبق على محطة رمسيس- المحطة المركزية لقطارات مصر- التي دخلتها في طريقي الى قطار أسوان، فوجدت نفسي أبحث عن بائعة المشروبات الباردة هنومة (هند رستم) وجردلها المثلج، وأتتبع خطوات قناوي الأعرج (يوسف شاهين) المجنون بهنومة، التي تعشق أبو سريع (فريد شوقي) استعدت قصة الفيلم وأنا أتجول في نفس موقع تصوير الفيلم المنتج في العام 1958».  في حين يتحدث الناقد كاظم مرشد السلوم قائلا: ان» السينما احد اهم روافد الحياة الثقافية في العراق ورابع سينما من حيث الحضور على مستوى الوطن العربي بعد مصر وتونس وسوريا، نتاجها ابتدأ منذ اربعينيات القرن الماضي على شكل انتاج مشترك خصوصا مع السينما المصرية التي كان يعمل فيها الكثير من الاجانب ذوي الخبرة والكفاءة العالية، فكان فيلم عليا وعصام، وابن الشرق، والقاهرة بغداد، واحتفلت السينما العراقية بإنتاج اول فيلم سينمائي عراقي خالص في العام 1956 ، وهو فيلم فتنة وحسن ، الذي حقق ايرادات لم يكن لمنتجيه ان يتوقعوها