قمة بغداد الثلاثية ومسؤوليات التكامل القومي

العراق 2021/06/27
...

 هيئة تحرير الصباح

العالم سينتبه الى اهمية الجغرافيا السياسية، وسيضع في حساباته فاعلية هذه الجغرافيا في صناعة افق جيوسياسي في المنطقة، وايجاد مسارات جديدة ترسمها، وتحدد اطرها مسؤوليات التكامل بين الدول، وهذا ما سيضعه صناع الستراتيجيات السياسية في سياق النظر الى اهمية القمة الثلاثية بين العراق ومصر والاردن
العالم سينتبه الى اهمية الجغرافيا السياسية، وسيضع في حساباته فاعلية هذه الجغرافيا في صناعة افق جيوسياسي في المنطقة، وايجاد مسارات جديدة ترسمها، وتحدد اطرها مسؤوليات التكامل بين الدول، وهذا ما سيضعه صناع الستراتيجيات السياسية في سياق النظر الى اهمية القمة الثلاثية بين العراق ومصر والاردن
إذ ستسعى هذه القمة الى تحقيق هدف رئيس يسعى للتعاطي بشجاعة مع واقع اقليمي محفوف بالازمات والصراعات، عبر سياسات فاعلة، وعبر تنويع حقيقي للشراكات، وتوسيع دوائره الاقتصادية المتعددة، والانفتاح المسؤول على الآخر، على مستوى تغذية برامج التنمية، وعلى مستوى تفعيل سياسات التعاون المشترك بين الدول الثلاث في المجالات المتعددة سياسيا واقتصاديا وثقافيا وأمنيا، وهذا ما يقتضي جملة من الاجراءات التي تضمن نجاح التفاهمات السياسية، بوصفها المحرك والمسوّغ للتفاهمات الاخرى التي تدخل في مجالات الاستثمار، وبرامج الطاقة والتنسيق الاقتصادي، وصولا الى التفاهمات الامنية والاعلامية التي تخص مواجهة التحديات الكبرى، لا سيما مواجهة الارهاب والجماعات المتطرفة، وثقافات التكفير والكراهية.
 
العالم ليس فارغا
 
اطار هذه القمة هو دفع مشكلات المنطقة لأن تكون جزءا من اهتمام العالم، حيث سيتبادل الرؤساء الافكار حول اهم القضايا التي تخص المنطقة، وعلاقة ذلك بالامن الاقليمي والدولي، مثلما سيعملون على الدفع ببرامج التضامن العربي الى مديات واقعية، والى علاقات تتجاوز عقد الماضي، ونمطية الصور التقليدية، فما يؤسس لعلاقات جديدة  بين الدول سيكون منطلقا، لرؤية واقعية للمتغيرات التي باتت تحكم العالم، والتي لا تنفصل عن مشكلات السوق والامن والطاقة والاعلام، وهذا مايعني أن الرؤساء سيراجعون أهم القضايا التي تخص المنطقة، بدءا من قضية فلسطين المركزية والدفاع عن هويتها القومية، وليس انتهاء بملفات التنمية والامن والاستثمار  بحثا عن التكامل والتنسيق، وملف مكافحة الارهاب بوصفه التحدي الأكبر للمنطقة وللامن في مصر والعراق.
إن تحقيق مبدأ الشراكة لا ينفصل عن العمل على أن تكون برامج التنسيق الاقتصادي والامني، منطلقا لتعزيز الأمن الدولي، فالعالم لم يعد فارغا، وأن  التهديدات الامنية التي تواجهها الدول الثلاث هي تهديدات دولية، لأن الجماعات الارهابية تحولت الى جماعات عابرة للحدود، وهذا ما يجعل التنسيق الاقليمي العربي مجالا يفتح أفقا لتعاون اوسع مع دول اخرى، وعلى وفق ستراتيجيات سياسية وامنية واقتصادية تعزز جهود المجتمع الدولي في مكافحة الارهاب، والاستفادة من تجربة العراق في الانتصار على جماعات داعش الارهابية...
 
حسابات الاقتصاد والكلفة
 
لا شك  في أن المصالح المشتركة هي اسس عملياتية لضبط ايقاع التعاون والتنسيق بين الدول، لمواجهة وقائع صراعية، وازمات ضاغطة، وسياسات تحتاج الى كثير من العقلنة، لاسيما في ظل ظروف تتطلب استعدادات كبيرة، وجهودا استثنائية، لا سيما ما يتعلق بالتكامل بين الدول، والذي يعني معالجة تعقيدات ذات طابع اجرائي مثل مد الانبوب النفطي من البصرة الى ميناء العقبة، وحساب الكلف الاقتصادية المترتبة على ذلك، وعلى برامج الاستثمار في الكهرباء وفي البناء وغيرها، والتعاطي بعدالة ومهنية وشفافية مع اليات تشغيل العمالات الوطنية في هذه المشاريع الكبرى، لا سيما أن العراق يعاني من مشكلات تنموية كبيرة، ومن تضخم كبير في ظاهرة البطالة، وهذا مايجعل الرهان على برامج ومشاريع الاستثمار الكبرى رهانا صعبا، يرتبط بما يتحقق من الشراكات الاقتصادية وتكاملها بين الدول الثلاث، وما ينعكس من خلالها على مشاريع التبادل التجاري، والدفع باتجاه تشجيع الصناعات المحلية لتكون برامج التصدير والاعفاء الكمركي بين الدول واقعيا بين البضائع المصدرة والمستوردة، لاسيما أن أرقام صادرات  الاردن ومصر تؤشر الحاجة الى مسؤولية التكامل .
 
الشام الجديد والمشرق الجديد
 
هذه التسميات تعكس مدى الاهتمام بالتنسيق الاقتصادي بين العراق ومصر والاردن، وهو ما صرح به السيد رئيس الوزراء الكاظمي لصحيفة “واشنطن بوست” قائلا: إنه يعتزم الدخول في مشروع ستراتيجي يحمل هذا الاسم، موضحا أنه مشروع اقتصادي على النسق الأوروبي، يجمع القاهرة ببغداد، وانضمت إليه عمان، لتكوين تكتل إقليمي قادر على مواجهة التحديات” وهو مايعني السعي الى معالجة المشكلات “البنيوية” التي تعاني منها اقتصادات تلك الدول، لاسيما العراق وما يعانيه من تضخم الاقتصاد الريعي، والذي يجعل من تفعيل برامج الاستثمار والتجارة البينية مجالا لايجاد فرص جديدة، عابرة للجغرافيا، وقرينة بخلق اسواق جديدة، ومدن صناعية جديدة يمكن أن تستوعب الكثير من العاطلين، وبالتالي تخفيف العبء عن الميزانيات العامة، وما تنوء به من أحمال الجوانب التشغيلية فيها..
من جانب آخر فإن برامج التكامل الاقتصادي ستكون مجالا لمعالجة مشكلات معقدة في البنية الاقتصادية العراقية، لا سيما مشكلة الكهرباء، وهذا مايجعل التكامل والتنسيق بين تلك الدول منفتحا على الشركات العالمية المتخصصة، حيث يتحمل العراق 15 % من بنود عقد الربط الكهربائي مع الاردن،  وباقي المبلغ يموّل عبر الاقتراض الخارجي، وهو ماصرح به الناطق باسم وزارة الكهرباء، إذ اوضح “أن المرحلة الأولى من المشروع تبدأ باستيراد العراق كهرباء من الأردن بواقع 150 ميغاواطا، وتنتهي عند 960 ميغاواطا، بعد انضمام مصر إلى هذا المشروع، مبينا أن أسعار استيراد الكهرباء من مصر والأردن ستحدد لاحقا”.