صورة من حرب

ثقافة 2021/06/29
...

 ترجمة: أحمد كاظم سعدون
 
مارغريت أتوود شاعرة وروائية وقاصّة وناقدة أدبية، فضلا عن كونها ناشطة في ما يخصّ حقوق المرأة وشؤون المناخ.. ولدت في 18 نوفمبر عام 1939 في العاصمة الكندية أوتاوا، مواضيعها الشعرية الأساسية هي المدنيّة والقيم الاجتماعية في صراعها ضد وحشية الإنسان وهمجيته؛ أما الشخصية الرئيسة في قصائدها فهي المرأة بمعاناتها واغترابها في عالمٍ من صنع الرجل؛ فضلا عن اهتمامها الشعريّ بعنف الطبيعة ومدى ضآلة الإنسان أمام جبروتها تتجلى في قصائدها وحدة الرجل/ المرأة على أساس افتراقهما وعزلتهما، أحدهما عن الآخر وعن الطبيعة، دافعة إياهما إلى حدودهما القصوى من أجل خلق علاقات إنسانية جديدة: عالمٌ إنساني يتواصل فيه البشر بعيدا عن قيم الآلة/ المال/ السياسة، لغة إنسانية للتواصل، هكذا تقول أتوود، لا غربة متفقٌ عليها ومسكوتٌ عنها.
عذابات المرأة ومعاناتها وعزلتها، لأسباب اقتصادية، سياسية، اجتماعية وطبيعية عاملٌ تشترك فيه أغلب قصائد أتوود؛ ضعف المرأة في مجتمع يقودهُ الرجل بقلبٍ أعمى، كما تشير؛ على الرغم من ذلك لا تنتمي قصائدها إلى ما يوصف بالشعر ذي المنحى السياسي المباشر بل بالفن السياسي العميق.
حصلت على أكثر من ستين جائزة أدبية ولها أكثر من عشرين مجموعة شعرية وست عشرة رواية وعشرة مجاميع قصصية، فضلا عن انطولوجيات وكتب في الأدب وقصص الأطفال.
 
(1 )
المرأة الميتة المرميَّة على الشارعِ 
المغبر فاتنة جداً
بساق ممدودة وأخرى مَثنيَّة
قدمٌ تشيرُ جهة الرُكبة
الذراع مطروحة خلف الرأس
واليد ترتاح بإيماءة ساحرة
(قد تدرُسُها راقصة لسنوات
ولن تفلح بإجادتها)
لثوبها الأرجوانيّ شكل رَفرفة
ورأسها يستدير بعيداً.
ثمة موتى آخرون يتبعثرونَ حولَها
كمثل أشجار منسوفة
متروكة إثر أناس ذعِروا
فتناهبوا دربهم لأجل غاية عظيمة
لايتذكرونها الآن؛
لكن هذه المرأة الفاتنة هي من تستوقفني
برقصتها الرائعة تلك
على الشارع.
آه، أيتها الميتة الجميلة
إذا كان ثمة من له القوّة ليُخلِّصني
من البؤس، ويُنجيني من اليأس
دافعاً إيّايَ صوب أعمق صلاة، فهو أنتِ.
لذا،
سأعدُّ لكِ الشيء الوحيد الذي أستطيع؛
فعلى الرغم من أنني لن أعرفَ اسمكِ
لن أنساكِ.
انظري:
على السطحِ المغبَرّ، تحت يديْ
على هذه الورقة الرمادية البسيطة
سأقيمُ شاهدة صغيرة لكِ
هنا:
صورة من حرب
 
( 2 )
حتى لو بَقيتِ على قيد الحياة،
فسيكون مستحيلا أن نتحادث،
لنَفترض أننا تقاسمنا مِصطبة
سيّارةً، شارعاً أو مائدة
فلربما ستقدمينَ لي  كسرةَ خبز
أو قطعة ليمون
وإلا فإن ذلك سوف يعني الريبة،
الخِشية  أو اللاجدوى.
الآن، على الرغم من ذلك
يتراءى لي بأنني مَن يسأل
وأنتِ تجيبين:
ــ  لمَ تحتَضَر الأشجار؟
ــ  لانعدام الحقيقة.
ــ  من رَدَمَ ينابيع الحقيقة؟
ــ  اولئك الذين لديهم أسلحة.
ــ  وماذا لو قَتلوا كلَّ من ليس له أسلحة؟
ــ  عندئذٍ سيقتل بعضهم بعضاً.
ــ  متى ستكون ثمة رأفة؟
ــ  عندما تزهِرُ الأشجار الميتة.
ــ  متى ستزهِرُ الأشجار الميتة؟
ــ  حين تلمسينَ يديْ.
هذه الأشياء تحدث في القصائد فقط.
لكِ الحق أن تكوني مُرتابةً مني
فليس لي أن أقولَ غيابَكِ عنكِ.
( لمَ أسمَعكِ إذاً بكل هذا الوضوح؟ )
------------
المصدر: مجموعتها الشعرية 
two headed poems
الصادرة سنة 1978