الفنان باعث للجمال

الصفحة الاخيرة 2021/06/29
...

سامر المشعل 
 
يشترط بالفنان أن يكون مثقفا، لانه يقدم فنه لعامة المجتمع ولا يقتصر نتاجه على فئة أو شريحة محددة من الناس، بل ان الفنان يقدم ابداعه الى الانسانية جمعاء، واحيانا يتجاوز صوته الحدود الجغرافية لمحيطه، فيعبر صوته البلدان والمحيطات والبحار والصحارى من دون أن يقف عند مطار أو معبر حدودي أو سيطرة.
واذا تحدثنا عن الموسيقى والغناء، فان الكثير من الاصوات الابداعية وصلت الينا من بلدان مجاورة واخرى بعيدة جدا، من تركيا وايران والهند واميركا واوروبا وافريقيا والخليج، فالابداع ينطلق عبر الاثير مثل بساط ريح مساحته العالم.
والفنان او الموسيقي المبدع هو كتلة من الاحاسيس الانسانية، التي يخاطب بها القوى العقلية العليا عند الانسان وهي الاحاسيس والمشاعر.
وعادة ما يكون الفنان هو الباعث على الجمال وترجمة المشاعر الانسانية تجاه الحبيبة والوطن والام والاب والنهر والجبل والهور وكل مفردات الحياة.
قبل أن تنتشر سموم وفيروسات الطائفية في مجتمعاتنا العربية، لم نكن نعرف ان كانت فيروز مسلمة سنية أو شيعية أم مسيحية ارثذوكسية أو كاثوليكية، أو من اية طائفة أو قومية أو ديانة، ومن غير الممكن أن تصنف أو توضع بخانة ضيقة ولا يخطر ببال أي من عشاقها أن يؤطرها بهذه الاطارات الضيقة، فهي مطربة لبنانية تخاطب الانسان وحواسه أينما كان، وكذلك الحال مع الفنان عبد الحليم حافظ أو محمد عبد الوهاب أو نجاة الصغيرة أو ناظم الغزالي أو وديع الصافي أو ابراهيم طاطلس أو كوكوش او شامي كابور أو اميتاب أو مارسيل خليفة أو نصير شمة أو كاظم الساهر.. الخ.
فهؤلاء فنانون مبدعون ينشدون للجمال ويبحثون في اعماق النفس الانسانية ليستخرجوا اعذب الكلمات والجمل الموسيقية ليقدموها لجمهورهم بطبق من ابداع. فكان وما زال الفنان المبدع عنصر توحيد لجميع المستمعين على اختلاف مشاربهم، يتسقون معه بخيط الجمال.
المثقف الحقيقي بحسب تعريف الدكتور نجم عبد الكريم «ان المثقف هو من يستطيع أن يقلص أكبر قدر ممكن من السلبيات ويوسع دائرة الايجابيات، فالمثقف من الممكن أن يكون فلاحاً أو عاملاً أو وزيراً أو اميراً». 
وبهذا المفهوم الذي يطرحه عبد الكريم، فالمثقف من يحارب مظاهر القبح بالمجتمع مثل الطائفية والتعصب والجهل والتخلف والامية، وليس الذي يتحدث بلغة فصحى منمقة ويحفظ ابياتاً من الشعر، فهذا مكتظ بكم معرفي وليس مثقفاً.