آني وين!

الصفحة الاخيرة 2021/07/01
...

حسن العاني 
 
كان من الطبيعي أن نشهد بعد 2003 جملة من التغيرات الجذرية، التي رسمت صورة العراق الجديد بنكهة الحرية وعطر الديمقراطية، واذا كنت اعتد بقدراتي الكبيرة، على متابعة الاحداث ورصدها رصداً ميدانياً، فبامكاني القول، ان ابرز تغيير ملموس تمثّل في هوية السياسة التي تبناها العراق الجديد، ولعل اهم ما في هذه السياسة 
(ان أي قرار لا يمكن أن يصدر الا بعد عرضه على جميع مكوناته القومية والدينية والمذهبية، والتحاور حوله بجدية صارمة، ولذلك لا يتم اعتماد هذا الموقف او ذاك بحسب ما تريده الأكثرية ويناسب هواها، الا بعد اطلاع الكل عليه، وهذا ما يجعل قراراتنا مستوفية للشروط، ومشاريعنا 
ناضجة). 
امر طبيعي ان بعض القضايا الستراتيجية لم تحسم مثل الكهرباء والتعيينات والماء والسكن والبطالة والغلاء والتصحر والتفاوت الطبقي الكبير في الرواتب والعنوسة والوضع الأمني ..الخ، ولكن المهم ان مثل هذه القضايا وغيرها ما زالت تحتاج الى مزيد من الدراسة، بغية الوصول الى حلول تتوافق عليها الأطراف 
جميعها!.
وهكذا كنا نسمع تصريحات بالجملة، فالقائمة (أ) ترى ان الوزارة الفلانية من حصتها، بينما ترى القائمة (ب) ان هذه الوزارة تحديداً من حصتها، وتصر الكتلة (ت) على أن نصيبها وزارتان سياديتان، اما الكتلة (ث) فتؤكد أن منصب الرئيس من حصتها بناء على تفاهمات مسبقة، من ناحيته أشار التحالف (ح)، الذي تنضوي تحت خيمته 9 تنظيمات الى أن الامر الذي لا يستوجب الحوار هو نصيبهم المعروف، والمكون (ض) المندمج مع المكونات (ط، ظ، ع، غ) يطالب بوزارتي النفط والمالية فقط، اما حزب (ف) فيناشد ضمير السياسيين الا يغفلوه في الكابينة الوزارية، وفي ما طالب تجمع (ق) بوزارة واحدة من دون تحديد درجتها فقد قال التحالف (ك) ويضم تحت جناحيه 6 تنظيمات نحن لن نشارك في الحكومة اذا لم نحصل على استحقاقنا 
الطبيعي!.
على مدى 18 سنة كان المواطن العراقي يجلس ( رجلاً فوق رجل – بكسر الراء ) وهو يستمتع بقرقرة النركيلة ويردد اغنيته القديمة المحببة الى نفسه : آني وين وانت وين؟ وها المصيبة جانت وين؟!.