لم يسترد الصباح الحقيبة

ثقافة 2021/07/01
...

 أحمد رافع 
 
(1)
غيبي 
كما تريد الورود أن تفتعل
جمرة ايامها الحارقات 
بوجهِ صبحٍ تتيه في تجاعيده الغصون
غيبي الآن
قبل أن تطوي السكك قرارها الأليم 
الآن اسمع من للربى الحزين
الآن ارى كيف تتكسر السنابل
الآن عمري
ضحية تتشبث بجرفٍ ضعيف
ولم تسأل الزوارق عن دوارنه الأخير 
(2)
ليومين أو ثلاثة
قبل أن تخنق العاصفة نفسها
وتصفق الأشجار ولها
لهذا السكون المخيف
ما وراء هدأة السواحل مقبرة تصيـح
وما وراء أعوامي الخشبية
التي تنذر بالاحتراق أنتِ
يا شعلة تحوم حول السنين الفقيرات
أما كان للماء أن ينهض! 
كموجٍ جديد
أو كشيءٍ من قبيل الخلاص 
(3)
ليومين متتاليين 
تختبئ العاصفة في منديل! 
أترى تحمل دمعة 
تجيء بملء النهر المريض
تزورني فتفرح
تترك على وسادةِ الجرف لهاث الغريق
فتغفو على خدِ الونى
لما تسيل كعامٍ يفرقع أصابعه حيث اللهيب 
ذاهبة كأنكِ السراب
والغصن يحمل ما غنت به العصافير
صرتُ أسبحُ في الضباب! 
والصبحُ تغنى بوجهكِ الرقراق
لم يتمش لوقتِ المحطة
ولا استرد الحقيبة من مأتم القطار 
قد تعثر بخديكِ وصاح: يا للخراب
فمات. 
(4)
غيبي الآن
قبل أن تهرب الغيمة مذعورة
فيضيـع المطر
أو يذهب بقارورةٍ يشيـعه البحر
وتنسى القوارب صرخته تدوي في الغروب
وادفنيـه وجهي الفقير
نعم..
وجهي الذي يدور كالطواحين 
منسيا في الحقول
كحشرةٍ في صوف الماعز!
تداهمه المسافات الذبيـحة 
وأنتِ تهطلين في العبور كالمطر الرقيق.
(5)
ألن تغيبي الآن 
ما شأن الزوارق إن لم يكن نهرها يفيض
ألن تجيئي الآن
ما شأن الحقائب إن لم يستردها الصباح
وجه المحطة مشوّه بالبكاء
بل بالجثث ومعنى دمُ الرحيل
ووجهي أنا يعرفهُ القطار البعيـد 
وتنكرهُ حقيبة تخبئ نشوة السواحل 
حقيبة تشربها المسافة
وقدم الطريق يعرج تحت رموش الفجر 
قد ضيّع الوقت أغنية المطر
ولا غيمة تستريح في القطار.