فوائض الأسعار

اقتصادية 2021/07/01
...

عبدالزهرة محمد الهنداوي
 
تشهد آمال الناس انتعاشاً، كلما شهدت اسعار النفط ارتفاعا في معدلاتها، لذلك اصبح خام برنت معروفا لدى العراقيين، اكثر من معرفتهم باي تفاصيل اخرى. وبات الحديث عن ارتفاع سعر البرميل، هو الحديث الاول الذي يتصدر الحوارات التلفزيونية وتعليقات التواصل الاجتماعي، والكثير يتساءل عن مصير الاموال المتحققة عن تلك الزيادات، لاسيما بعد اجتياز الاسعار حاجز الـ}75} دولارا، مضروبا في مقدار تغيير سعر الصرف، لمعرفة مقدار هذه الزيادة بالدينار العراقي، مطروحا منها، السعر التخميني للبرميل الذي ورد في قانون الموازنة والبالغ 45 دولارا، ليبقى الفرق بين السعرين 30 دولارا.
وبنحو او بآخر، فإن حديث الناس هذا ربما يحمل شيئا من المنطق، ان لم يتم الدخول في حيثيات الموازنة، وما احتوته من تفاصيل، يمكن لها ان تبتلع اي زيادة في اسعار النفط، وفي مقدمة ذلك، مقدار العجز الكبير الذي تعانيه الموازنة، وكذلك مستحقات الديون الخارجية والداخلية، فضلا عن حجم الانفاق التشغيلي الهائل، وحاجة آلاف المشاريع التي يجري تنفيذها الى اموال ليست بالقليلة من اجل انجازها، تقدر بنحو 100 مليار دولار، وكل هذا الذي ذكرناه يمثل تبريرات منطقية، للرد على من يطالب بمعرفة مصير الفوائض المالية الناتجة عن الفرق السعري بين الموازنة والسوق العالمية. ولكن هذا لايعني، الاستمرار في ذات السياسة الاقتصادية، القائمة، على مبدأ) النفط مقابل الاكل (، ولو مرت هذه السنة بسلام، كما سبقتها السنوات الماضية، فان المقبل من السنوات لايبشر بخير، فأسعار النفط لايمكن الاطمئنان اليها، فهي قد تتعرض للانهيار في اي لحظة، لتتركنا نواجه مصيرنا، كما ان العالم يتجه بسرعة نحو البحث عن مصادر بديلة للطاقة، وما هي الا عقدان او ثلاثة، ليصبح النفط من الماضي. ووفقا لهذا المشهد، فإن السيناريو يتطلب تغييرا في المشاهد التي اعتدنا مشاهدتها، لضمان استمرار الحياة، في ظل تزايد سكاني لايهجع. والتغيير المشار اليه يشمل 6 نقاط، الاولى؛ تغيير فلسفة الموازنة، وجعلها موازنة برامج بدلا من موازنة البنود، الثانية؛ تحويل مسارات الانفاق المالي، وتوجيهها تدريجيا من التشغيلي الى الاستثماري.
النقطة الثالثة؛ هي التوجه نحو القطاعات التنموية، كثيفة العمالة وذات الصفة التشابكية مع غيرها من القطاعات، لتحقيق حالة من التنويع الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على النفط.
والرابعة تقليل مستوى التدخل الحكومي في تنظيم آليات السوق، وتركه هو ينظم نفسه، وفقا للنظريات الاقتصادية. ويكون دور الحكومة هو رسم السياسات والخطط، وتوفير ظروف تنفيذها ومتابعة آليات التنفيذ. أما الخامسة؛ والأهم من ذلك التوجه نحو انشاء صناديق سيادية يتم تمويلها راهنا من الفوائض النفطية، ومما يتم تحقيقه من القطاعات الاقتصادية الاخرى، وتوجيه اموال هذه الصناديق لتمويل المشاريع الستراتيجية العملاقة حصرا، لتحقيق التنمية، وضمان حق الاجيال المقبلة.
والاخيرة؛ تفعيل وزيادة دور القطاع المصرفي، العام والخاص، ليكون مساهما وشريكا في تمويل المشاريع.