خيارات سعد الحريري بين الاعتذار أو الاعتذار

الرياضة 2021/07/04
...

 بيروت: جبار عودة الخطاط 
 
منذُ مدة ليست بالقصيرة والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة سعد الحريري يدور في دوامة يسعى جاهداً للخروج منها ولم يفلح حتى اللحظة من فتح كوّة أمل ينسل عبرها ليتنفس الحل الذي ما زال خارج متناول يده.
بحدود عشرة أشهر وورقة التكليف التي في جيبه عاجزة عن منحه جواز المرور للدخول إلى السرايا الحكومي بفعل عوامل ومعرقلات تضافرت فيها المؤثرات الخارجية والمعوقات الداخلية، ويبدو أن دائرة الخيارات المتاحة أمامه آخذة في الانحسار وهي تضيق بشكل شبه يومي. حتى الحلفاء الذين كانوا يجتمعون معه تحت خيمة ما يسمى بفريق 14 آذار تركوه يصارع أمواج التحديات لوحده فلم يعد زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ولا رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل إلى جانبه، وكان زعيم الجبل وليد جنبلاط آخر الذين قفزوا من سفينة الحريري الآيلة للغرق. وثمة معلومات تم تسريبها أمس السبت عن اتفاق بين كل من وليد جنبلاط وجبران باسيل، ومما ينقل عن مطابخ السياسة المضمرة بأن ثمة مسار قطع مشواراً لا يستهان به بين التيار الوطني الحر وبين الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه 
جنبلاط.
ولعل الجهة الوحيدة التي بقيت بثقلها السياسي مع سعد الحريري هي حركة أمل وزعيمها التأريخي نبيه بري حتى وصل الحال إلى حرب كلامية عنيفة بين نواب بارزين عن الحركة وآخرين من التيار الوطني الحر وهنا يبرز تصريح رئيس التيار العوني جبران باسيل بوصفه لبري بأنه وسيط "غير نزيه" وشكك في مصداقية مبادرته التي اعتبرها غير واضحة ولا تحمل عناصر تنفيذها على أرض الواقع، ومضى باسيل أبعد من ذلك بطلبه من السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله، بالتدخل شخصياً ليكون حكماً بعد تشكيكه في نوايا نبيه بري، وحتى الطرف الأبرز في الثنائي الشيعي حزب الله لا يريد الظهور بمشهد التمسك بالحريري على حساب تحالفه مع التيار الوطني الحر وهو لا يريد التفريط بهذا التحالف الذي يوفر له غطاءً عبر أكبر قوة مسيحية مارونية في المعترك اللبناني الضاج بالمتناقضات.
وهكذا يبدو سعد الحريري كمن يبارز طواحين سياسية عنيفة بسيف خشبي فهل يصمد في ظل إصرار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على عدم منحه الضوء الحكومي الأخضر؟، وكما تفيد المعلومات فان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان بذلا جهدا كبيرا قبل يومين في محاولة الضغط على وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لينتزعا منه تصريحاً او إشارة بسيطة يمكن أن تجعل الحريري يمضي في تشكيل حكومته المتعثرة غير أن "بن فرحان" رفض ذلك 
بشدة.
الحريري لم يفلح كما يبدو عبر سفراته المتعددة في التوسط لدى ولي العهد الإماراتي ولا الرئيس السيسي بحيث يتزحزح موقف بن سلمان الرافض له، أما داخلياً فكما هو واضح موقف الحريري في وضع لا يحسد عليه في ظل إصرار الرئيس عون والوزير السابق جبران باسيل على أن تكون لعون كلمة مؤثرة في تسمية الكابينة الحكومية وهو ما يعتقده الحريري ومن خلفه (نادي رؤساء الحكومات السابقين) والمفتي دريان انتقاصاً من الدور السياسي المحوري لـ (السنية السياسية) وأي تنازل من الحريري يعد أمام قواعده الشعبية إضافة جديدة هي أقرب للخسارة. فما زال يشكل عليه مؤيدوه عقده لما يسمى بالتسوية السياسية التي أتت بالعماد عون رئيساً للجمهورية، وهكذا يجد الحريري نفسه اليوم في ظل ظروف سياسية واقتصادية بالغة السوء في لبنان، في موقف العاجز الذي ربما أصبحت خياراته تدور بين الاعتذار أو الاعتذار.