كاظم الحجاج

ثقافة 2021/07/05
...

د. حسين القاصد
 
الناس في الكوفة صنفان، صنف غني وصنف علي!؛ هذا ما قاله شاعر العراق وبصرته كاظم الحجاج، واختار لنفسه أن يكون من صنف (علي)، فهو قامة شعرية له أن يشير ويأمر فيطاع، لكنه اكتفى بصنفه الذي اختاره لنفسه مبدأً وسار عليه.
الحجاج الذي أدرك الثمانين من عمره بقي بلا بيت، وله على الورق آلاف الأبيات التي هزت المتلقي ونالت استحسانه ورسخت معماريتها في مخيلته وذائقته.
 قبل سنتين أو أكثر بقليل قرر وزير النقل منح كاظم الحجاج بيتا من بيوت مديرية الموانئ في البصرة، والأمر أعلن من منصة مهرجان المربد وفرح الأدباء لشاعرهم؛ وتلاقفت الفضائيات ووسائل الإعلام الخبر بترحيب عالٍ؛ وسكن الحجاج في بيته المهدى له.
 قلت إن الأمر تم بشكل علني ولم يكن في الخفاء، ومرت عليه ثلاثة أعوام؛ ولو كان الشاعر الكبير كاظم الحجاج متجاوزاً (حاشاه) فأين كانت الموظفة المسؤولة عن إزالة التجاوزات طيلة الأعوام الثلاثة الماضية؟.
 هنا، يقفز السؤال الأهم إلى الواجهة، ليقول: لمصلحة من حصل هذا الإجراء الذي لم يخلُ من الإساءة لشاعر بقيمة وشأن كاظم الحجاج؟.
فإن قلت لي: لكن الحكومة مشكورة سارعت للتدخل وإعادة البيت للشاعر وإعادة الشاعر لبيته؛ أقول لك: وماذا عن الأذى النفسي والمعنوي الذي لحق بالحجاج الكبير؟، ولماذا حدث كل هذا أصلاً؟، وهل تمت محاسبة الموظف الذي أرسل مفرزة تبلغ الحجاج وتمهله ثلاثة أيام لإخلاء المنزل؟.
انتهت أزمة المنزل، نعم، لكن أزمة أخرى لها وقعها النفسي على الشاعر الكبير وقيمته واعتباره، فهو يمثل الصوت الأعلى في البصرة والصوت العراقي الناصع 
البياض، ولقد سبق لكاتب هذه السطور أن استضاف الشاعر كاظم الحجاج لتكريمه ضمن فعالية (بيض الوجوه) وهي الفعالية المخصصة لمن خرج أبيض الوجه والقلم واللسان من حقبة الدكتاتورية المقيتة ولم تصبه أية لوثة.
 فهل يستحق أبيض الوجه هذه المعاملة بعد أن ابيض شعره؟.
هي دعوة لحماية رموز الثقافة العراقية من العبث الإداري الارتجالي. فكم كاظم الحجاج لدينا؟.