المحور السويسري

الصفحة الاخيرة 2021/07/05
...

عبد الهادي مهودر
 

لا نعرف الكثير عن سويسرا غير أنها بلد الحياد وصناعة الساعات وموطن المنظمات الدولية، والدولة التي اطاح منتخبها الوطني بمنتخب جارتها فرنسا واخرجه من (يورو 21) في مباراة تاريخية ثم خرجت على يد المنتخب الاسباني، غير أن تجربة هذه الدولة تستحق الاعجاب والاشادة من دون مخاوف من احتسابنا على (المحور السويسري) فهي دولة محايدة ومسالمة منذ القرن الثالث عشر وعمر الديمقراطية فيها 700 سنة وتنبذ الحروب مع جيرانها، وآخر حرب خاضتها كانت عام 1315 ضد القوات النمساوية، ولكنها شهدت حرباً اهلية قبل أن تكتب دستورها الجديد عام 1848 ، وبعد ذلك المخاض شكلت اتحادها الفيدرالي وجعلت من ذكراه السنوية التي وحدت البلاد عيداً وطنياً، وودعت سويسرا المعارك قبل أن نغني نحن بقرون طويلة «يا اهلا بالمعارك يا بخت من يشارك»، وعلى الرغم من وقوعها في وسط اوروبا الا انها التزمت سياسة الحياد في الحربين العالميتين الاولى والثانية، في خيار سياسي أقل ما يقال عنه بأنه حكيم ويخدم الاجيال اللاحقة، وقد جنت هذه البلاد من عصور السلم والاستقرار اقتصاداً متقدماً جعلها مثل جنّة على وجه الارض، ولا ينقصها غير اغنية «جنّة يا وطنا حتى نارك جنة»، وسويسرا تشبهنا بتعدد اللغات والمعتقدات والثقافات، لكن الفوارق بيننا كبيرة جداً، وابرزها أن الاقاليم في سويسرا، وعددها 26 اقليماً، لا تقوم على أسس طائفية ومذهبية ولغوية، ويضم الاقليم الواحد أكثر من مذهب ولغة، أي أن السني والشيعي «السويسريين» يمكن أن يعيشا معاً في اقليم واحد والى جنبهما تعيش بقية المكونات المتآخية، أما الفارق الأهم فهو الشعور الوطني القوي بالانتماء لهذا البلد وللقيم التي نشأ عليها، على الرغم من اننا نتحدث عن الشعور الوطني اكثر من السويسريين الذين لا يسمع لهم همساً، ونتحدث عن أهمية الوقت اكثر من السويسريين الذين يصدّرون الساعات الدقيقة إلى كل العالم، لكننا نهدر الوقت ونضيّع الفرص تلو الفرص، وأتمنى من الذين يحلمون بأن يصبح العراق مثل سويسرا أن يكونوا جادين باقامة اقاليم مشابهة للاقاليم السويسرية تغذي الشعور بالانتماء الوطني وليست طائفية ولا مذهبية، حين ذاك فقط ستتراجع هذه الدعوات ولن يحلم أي سياسي بأن يكون العراق مثل سويسرا وانما العكس هو الصحيح، وقد يتهموننا بأصحاب الأجندات السويسرية المكشوفة وبالانتماء للمحور السويسري.