حضور المطرب على المسرح له تأثير كبير في تعزيز نجوميته، لاسيما أن المطرب المشهور يقف لمد طويلة على المسرح، ربما تستغرق ساعتين أو أكثر، وعليه أن يبقى تحت دائرة الضوء الحيوية والايجابية نفسها في تعامله مع الجمهور من جانب والفرقة الموسيقية من جانب آخر.

ومن العوامل التي تدفع المطرب لأن يكون له حضور آسر وكاريزما مؤثرة، هي أن تكتمل لديه الموهبة والثقافة، وتكون عنده الثقة بنفسه وبفنه الذي يقدمه للناس، وأن يحفظ الاغاني التي يقدمها عن ظهر قلب، ويكون قد تمرن عليها جيدا مع الفرقة الموسيقية، ولديه القدرة على التصرف غنائيا وذوقيا ولديه الشجاعة في مواجهة الجمهور، ويتعامل بذكاء وحب مع الجمهور، بحيث يحسن التصرف مع أي حدث أو ظرف مفاجئ.

وعندما تكتمل الموهبة مع الحضور المؤثر للمطرب على جمهوره ينظر اليه الاخير باعجاب وسمو ورفعة وكأنه يتمتع بخصال فريدة وساحرة. ومن الفنانين الذين يتمتعون بهذا الحضور الآسر لجمهورهم هي كوكب الشرق أم كلثوم من خلال ثقتها المفرطة بموهبتها وقوة شخصيتها وسرعة البديهة، التي تتمتع بها كوكب الشرق، حتى أنها سحرت الجمهور العربي من الخليج الى المحيط، وظن بعض عشاقها بأنها تطل عليهم من عوالم اخرى. كذلك السيدة فيروز، التي لقبت بـ«جارة القمر» فقد كان لها حضور مهيب على المسرح وهي الوحيدة، التي تغني مع فرقة انشاد كبيرة وفرقة اوركسترالية، ومن التقاليد التي تفردت بها السيدة فيروز، انها بعد كل وصلة غنائية تستبدل فستانها، وتطل على جمهورها بحلة جديدة.أيضا العندليب الاسمر عبد الحليم حافظ، كان له حضور ساحر على المسرح، ومن المفارقات التي واجهت حليم في أغنية «حاول تفتكرني»، التي كتبها الشاعر محمد حمزة ولحنها الموسيقار بليغ حمدي، وجرى الاتفاق أن يقدم هذه الاغنية في حفل «شم النسيم» في العام 1973، وكانت الفرقة الماسية تأتي كل يوم الى بيت حليم تتمرن على الاغاني التي سيقدمها من الساعة السادسة مساء الى الساعة الحادية عشرة، لكن المشكلة التي واجهت حليم، ان بليغ لحن المذهب وبعض الكوبليهات ولم يكمل اللحن، واخذ حليم وبعض اعضاء الفرقة يبحثون عنه، ولم يجدوه، وكان بليغ حينها مآسورا بحب الفنانة وردة الجزائرية. شعر حليم بالحرج والغضب معا، وقرر أن يقوم بتكملة اللحن بنفسه وألا يتعامل مع بليغ ثانية. فعلا بدأ بالتلحين من مقطع «تعالا.. تعالا..» وفي هذه الاثناء تمَّ العثور على بليغ، فجاء واعتذر من حليم، وأعجب بالمقطع الذي لحنه حليم وابقاه مثلما هو ثم صاغ على المنوال نفسه بقية اللحن، وتم تقديم «حاول تفتكرني» كأغنية جديدة على المسرح. وكان تفاعل عبد الحليم مع الجمهور والفرقة الموسيقية على نحو أكثر من رائع. وهناك مجموعة رائعة من المطربين الذين تالقت نجوميتهم على المسرح وازدادت مساحة شهرتهم في مواجهة الجمهور، منهم على سبيل المثال: المطرب صباح فخري وناظم الغزالي وكاظم الساهر وماجد المهندس وآخرون.ومن تخونه شجاعته ولا يحسن التصرف على المسرح بايجابية وحضور مؤثر فإن هناك ثلمة تبقى ناقصة في بناء شخصيته الفنية. نعم مواجهة الجمهور ليست بالعملية السهلة ومعظم نجوم الغناء أباحوا لي بأنهم يخشون مواجهة الجمهور، وبعد الاغنية الاولى أو الثانية يبدأ الخوف يتلاشى ويتألقون على المسرح.