كيف بدأت الحكاية؟

الصفحة الاخيرة 2021/07/06
...

حسن العاني 
18 سنة مرت على الربيع الأميركي في العراق، وهو زمن طويل لا يستهان به، فقد استطاعت بلدان مثل اليابان وألمانيا والجزائر أن تستعيد عافيتها في نصف هذا الزمن بعد خروجها من حروب طاحنة واحتلالات بغيضة، ولا احد يدري لماذا بقي العراق حالة استثنائية، لانّ ربيعه ما زال موشوماً بأجواء الخريف، وكلما أينعت ورقة خضراء، ورفعنا اصواتنا بالفرح والاستبشار، نخرتها دودة الأرض، ولذلك بقيت مشاريعه تراوح في مكانها، وظلت ازماته على حالها: سكن ومدارس وفقر وبطالة وكهرباء ..الخ، ولعل هذا الواقع هو انعكاس لتركيبة الطبقة السياسية وازماتها التي بدأت منذ 2003 وتواصلت في الغالب بتصاعد لافت للانتباه، ليس ابتداء بأزمات الثقة والكرسي والتداول السلمي للسلطة، وليس انتهاء بأزمات المصالح الفئوية والتخندق العشائري والمناطقي والمذهبي وتخوين الاخر.
السباق المحموم الى حد التقاتل على (لقمة الصياد)، هو اصل المشكلة وجوهرها الخفي، على الرغم من مئات اللقم الدسمة والهبرات الكبيرة على موائدهم، هذا السباق الذي يصعب حجبه او التستر عليه، هو الذي أوصل العراقيين الى قناعة اكيدة : إنّ (نسبة كبيرة) من فرقاء العملية السياسية لا تمثل المرحلة ولا تصلح لقيادتها، وان منحهم الأصوات الانتخابية (عن حسن نية) جاء في غير محله.
بدأت الحكاية من اللحظة التي وُلِدَ فيها مجلس الحكم علانية تحت خيمة الطائفية والمحاصصة، ومن اللحظة التي قسموا فيها الشعب الى مذاهب متناحرة، ومن اللحظة التي اخذ فيها الضحك على الذقون صورة مكشوفة عبر دعوتهم الى (الصلاة الموحدة)، وكأنهم في الخفاء يقولون بأن رب الشيعة ونبيهم وكتابهم هو غير رب السنة ونبيهم وكتابهم، و من اللحظة التي حاولوا فيها تكريس الانتماء الاثني للشعب على حساب انتمائه الوطني الى العراق.
حمداً لله فقد أدركت الناس، ان تقسيمها بذلك الروح العدائية، هو السبيل الوحيد لكسب الأصوات والحصول على مزيد من المغانم، ولكن الغريب في هذا المشهد هو ما تصرح به مراكز الدراسات الأميركية بين الحين والاخر، من ان تجربة العراق السياسية والديمقراطية هي الأفضل، ودستوره هو الارقى بين دساتير العالم، وهذه اغرب تصريحات تدعو الى الضحك لشدة غرابتها، وما خفي كان 
أعظم!.